Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
محمد معتصم
Derniers commentaires
Newsletter
Catégories
محمد معتصم
  • تتضمن المدونة عددا من المقالات والدراسات، والأخبار الثقافية والآراء حول المقروء والمنشور والمتداول في الساحة الثقافية. مع بعض الصور
  • Accueil du blog
  • Créer un blog avec CanalBlog
14 septembre 2006

نبع الشعر. من كتاب لإدكار موران

محمد معتصم

الناقد الأدبي

(ترجمة)

منبع الشعر:

لإدكار موران

سأحاول الدفاع عن الأطروحة التالية: مستقبل الشعر في منبعه ذاته.

ما هو هذا النبع؟ من الصعب التمكن منه. إنه ضائع في الأعماق الإنسانية، وكذلك في أعماق ما قبل التاريخ، هناك حيث تنبجس اللغة، في أعماق هذا الشيء الغريب المسمى الدماغ والروح الإنسانية. أريد إذا أن أقدم بعض الأفكار المبدئية كي أتحدث عن الشعر. أولا، ينبغي ، في أية ثقافة، معرفة أن الكائن البشري ينتج لغتين انطلاقا من لسانه: لغة عقلانية، تجريبية، تطبيقية، وتقنية؛ والأخرى رمزية وأسطورية، وسحرية. الأولى تهدف إلى التدقيق، والتعيين، والتحديد، إنها ترتكز على المنطق وتحاول أن تجعل ما تتحدث عنه موضوعيا. الثانية تستعمل المجاز، التماثل، والاستعارة، يعني هالة مجموع الدلالات التي تحيط كل كلمة، وأي ملفوظ، وتحاول ترجمة حقيقة الذاتية. هاتان اللغتان بإمكانهما التجاور أو الاندماج، يمكنهما الافتراق، والتعارض. ويقابل هاتين اللغتين حالتان. الحلة الأولى، التي يمكن تسميتها نثرية، الحالة التي نرغم أنفسنا فيها على التمكن وعلى العقلنة، وهي الحالة التي تغطي جزءا كبيرا من حياتنا اليومية. الحالة الثانية، التي يمكننا تسميتها بإنصاف "الحالة الثانية"، الحلة الشعرية.

قد تعطى الحالة الشعرية من خلال الرقص، والإنشاد، والعبادة، بالاحتفالات، وطبعا، يمكن أن تقدم عبر النص الشعري. كان فيرناندو بيسوا يقول في داخل كل واحد منا كائنان. الأول، الحقيقي، ذاك الذي يتبدى في رؤانا وفي أحلامنا، ذلك الذي نمى في الطفولة، ويستمر كل الحياة. والثاني، الزائف، المتجلي في التمظهرات، وفي خطاباتنا، وأفعالنا، وحركاتنا. لن أقول بأن الأول حقيقي والآخر زائف، لكن بكل تأكيد، مقابل هاتين الحالتين هناك كائنان بداخلنا. ويوافق الحالة الثانية ما رءاه المراهق رامبو، في في رائعته "رسالة الرائي"؛ إنها ليست حالة رؤية (Vision) إنها حالة رؤيا (Voyance).

إذن، الشعر – النثر، هكذا هو نسيج حياتنا. يقول هولدرلين؛" شعريا، يسكن الإنسان الأرض". وأنا أظن يجب القول بأن الإنسان يسكن شعريا ونثريا في آن واحد. لو لم يكن النثر لما كان الشعر، الشعر لا يمكنه الظهور إلا في علاقة مع النثرية. لنا إذا هذا الوجود المزدوج، هذه القطبية المزدوجة في حياتنا.

في المجتمعات القديمة التي نسميها ظلما بدائية، تلك التي عمرت الأرض، وصنعت الإنسانية، ومنها  الخَلَفُ الذي يُبادُ بوحشية في أمازونيا وفي جهات أخرى، كانت هناك علاقة ضيقة بين اللغتين، والحالتين. كانوا مندمجين في الحياة اليومية كان العمل مصاحبا بالإنشاد، والإيقاع، كانوا يهرسون الدقيق في المهراس وهم يتغنون، وهم يوقِّعون. لنأخذ مثلا الاستعداد للصيد الذي يشهد عليه حتى الآن الرسوم البدائية، طبعا، رسوم مغارة لاسكو (Lascaux) بفرنسا، هذه الرسوم تشير بأن الصيادين كانوا يقيمون طقوسا سحرية للطرائد المرسومة على الصخور. لكن لا يكتفون بالطقوس السحرية، كانوا يستعملون سهاما حقيقية، ويستعملون طرائق تجريبية، وتطبيقية، ويمزجون الاثنين. بينما في مجتمعاتنا المعاصرة الغربية، لوحظ تفريق بل أقول انفصال بين الحالتين؛ النثر والشعر.

هناك قطيعتان، القطيعة الأولى ابتداء من عصر النهضة، عندما تطور شعر تدنيسي شيئا فشيئا. هناك أيضا تفكك لوحظ ابتداء من القرن السابع عشر بين ثقافة أصبحت علمية وتقنية، من جهة، ومن جهة أخرى بين ثقافة إنسانية، أدبية، وفلسفية، وضمنها طبعا الشعر. بعد هذين الانفصالين أصبح الشعر مستقلا، وخاصا. وانفصل عن العلوم، والتقنية، وانفصل طبعا عن النثر.

انفصل الشعر عن الأساطير، أقول لم يعد أسطورة، لكنه يتغذى دائما من منبعها، أي الفن الرمزي والأسطوري والسحري.

في ثقافتنا الغربية، وجد الشعر والثقافة الإنسانية نفسيهما في وضعية تدني، وتدني الشعر إلى مرتبة الترفيه، والتسلية، وتدنى إلى مستوى المراهقين، والنساء، أصبح الشعر بمعنى من المعاني، دونيا في علاقته بالنثر في الحياة.

كان هناك تمردان تاريخيان للشعر. العصيان الأول تمثل في الرومانسية، طبعا الرومانسية الألمانية. إنه عصيان ضد اجتياح النثرية، العالم النفعي، والعالم البورجوازي، العالم الذي يتطور في بداية القرن التاسع عشر.

العصيان الثاني، يقع بداية القرن العشرين، إنه السريالية. وتعني السريالية رفض الشعر الانغلاق في القصيدة، يعني الانغلاق ضمن تعبير أدبي خالص وبسيط. ليس نفي القصيدة ما دام بروتون، ومادام بيري (Péret)، ومادام إيلويار...قد كتبوا قصائد رائعة، لكن الفكرة السريالية، تعني أن القصيدة تجد قوتها ونبعها في الحياة. في الحياة، بأحلامها وصُدَفِها، ونعلم الأهمية التي تعطيها السريالية للصُدْفَةِ. هناك إذا، هذا الاشتغال على تخليص الحياة من النثرية التي بدأت مع أرتور رامبو، عندما يندهش من لاتينية الكنسية. أيضا بارك السرياليون السينما، وهم أول من قدر شارلي شابلن. إذن، عدم نثرية الحياة اليومية يعيد إدخال الشعر في الحياة، هكذا كانت الرسالة الأولى للسريالية. هناك أيضا عصيان، ليس فقط ضد العالم المنثور، لكن ضد الفظائع التي حملتها الحرب العالمية الأولى، التي ألهمتها. تعلمون أن بروتون (Breton) أراد دمج التركيبة السياسية الثورية "تغيير العالم" في التركيبة الشعرية السريالية "تغيير الحياة". لكن هذه المغامرة، هذه المغامرة ذاتها، قادت نحو متاهات وأخطاءَ، وأستطيع القول، أدت إلى تدمير ذاتي للشعراء. عندما قام هؤلاء بربط الشعر بحزب سياسي. هناك يكمن واحد من متناقضات الشعر. لا يليق بالشاعر الانغلاق في مجال مستقيم، حدودي، في مجال اللعب بالكلمات، وفي مجال اللعب بالرموز. للشاعر مقدرة تامة، متعددة الأبعاد، تحتوي إذا، الإنسانية والسياسة، لكن ليس له الحق في أن يستخدم من قبل التنظيم السياسي، فالرسالة السياسية للشاعر أن يتجاوز السياسة.

إذا لدينا عصيانان وتمردان في الشعر. والآن، ما هي وضعيته في نهاية هذا القرن، الذي هو في الوقت نفسه نهاية الألفية؟

أولا ما يمكن تسميته تدفق النثر المتعدد والمتشعب. تدفق النثر المتعدد، يعني تدفق نمط من حياة مادية، محددة الوقت، مجزأة، ومقسمة، متشذرة، ومذررة (من الذرة)، ليس فقط نمط الحياة ولكن أيضا نمط تفكير حيث يوجد به من الآن فصاعدا خبراء أكفاء حيال كل مشكلة، هذا الاجتياح النثري المتعدد، مرتبط بالتدفق الاقتصادي والتقني والبيروقراطي. في ظل هذه الشروط خلق الاجتياح النثري المتعدد، ضرورة الشعر المتعدد.

هناك حدث آخر يسم نهاية هذا القرن: إنه التفكك أو التدمير الذاتي لفكرة السلام الأرضي. كنا نعتقد أن النماء مضمون بصورة آلية مع التطور التاريخي. وكنا نعتقد بأن العلم لا يمكنه إلا أن يكون متناميا، وأن الصناعة لا يمكنها إلا أن تحمل معها الخير، وبأن التقنية لا يمكنها إلا أن تحمل معها التقدم. كنا نعتقد بأن قانون التاريخ يضمن السعادة الإنسانية، وعلى هذه القاعدة، كنا نعتقد بأنه ممكن نشر السلام على الأرض. يعني سيادة السعادة التي وعدت بها الديانات السماوية. بينما نتابع اليوم انهيار فكرة إقامة السلام على الأرض، وهذا لا يعني التخلي عن تطوير الروابط البشرية وتحضير (من الحضارة) الإنسانية. التخلي عن فكرة السلام مرتبط بفهمنا أن لا قوانين تاريخية، وأن النماء ليس مضمونا بصورة آلية. لا ينبغي فقط البحث عن النماء، لكن في كل مرة وجدناه يبدأ في التناقص، وعلينا تجديد البحث عنه بلا توقف.

من كتاب:

Edgar Morin: Amour. Poésie. Sagesse. Seuil.1997. (La source de la poésie) P:37- 50.

Publicité
Commentaires
Publicité
محمد معتصم
Archives
Publicité