Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
محمد معتصم
Derniers commentaires
Newsletter
Catégories
محمد معتصم
  • تتضمن المدونة عددا من المقالات والدراسات، والأخبار الثقافية والآراء حول المقروء والمنشور والمتداول في الساحة الثقافية. مع بعض الصور
  • Accueil du blog
  • Créer un blog avec CanalBlog
16 septembre 2006

حوار من بشير مفتي نشرته اليوم جريدة القدس العربي

الناقد المغربي محمد معتصم: النقد العربي ليس كله تقليدا وتبعية لما أنتجه الغرب!

2006/09/16

med


الرباط ـ القدس العربي : هو من أبرز النقاد المغاربة الجدد ومن أكثـرهم دينامية، يشتغل علي قضايا متنوعة ومختلفة، ويؤسس في صمت وتواضع لمشروعية نقدية عربية جديدة تستلهم المنهج النقدي الحديث وتوظفه في فهم النصوص وقراءتها من الداخل، عمله منظم ومنسجم مع الأسئلة التي تطرحها الحالة الراهنة للكتابة العربية، منفتح علي كل التجارب العربية، من المغرب الي المشرق، وأصدر عددا من الدراسات كـ المرأة والسرد الرؤية الفجائعية . وفي هذا الحوار يتحدث لنا محمد عن خصوصية تجربته والقضايا النقدية المثارة في الساحة العربية.

هل يمكن أن تسترجع خطواتك الأولي في عالم الكتابة النقدية؟ وما هي القضايا والهواجس التي شغلتك حينها؟
في البداية كنت أكتب الشعر. أدمنت قراءة الشعر؛ قديمه وحديثه. وكانت كتاباتي حماسية منفعلة ومتأثرة بما يجري علي أرض الواقع، وجزء آخر منها كان تعبيرا عن خيبات عاطفية. لكن لم أنشر منها وقتها سوي قصيدة مركبة بعنوان طريق المجد أولها موزون مقفي، ووسطها متنوع القافية، وآخرها منثور. نشرت علي ما أعتقد سنة 1979 أو 1980م، بالطليعة الأدبية العراقية، وبعدها نشرت قصيدة تحتفي بالخريف واخترت لها عنوانا لقصيدة الشاعر بودلير ونشرتها جريدة الاتحاد الاشتراكي. أما باقي القصائد والنصوص الشعرية فكانت ترفض وبدلا منها يتم الترحيب بمقالاتي النقدية، وقد بدأت مبكرا بنقد الرواية المغربية، محمد شكري ومحمد زفزاف، وبعض النصوص التي كانت تنشر بصفحة الشباب علي الطريق بالاتحاد الاشتراكي، أو ابداع ونقد ـ أعتقد ـ بجريدة أنوال. وكان يشرف علي الأولي وقتها الشاعر والباحث العياشي أبو الشتاء كما قيل لي، وعلي الثانية أستاذي وصديقي الباحث والناقد سعيد يقطين. ويمكن اعتبار سعيد يقطين من محفزي الأساسيين في اختيار طريق الدراسة النقدية والكتابة فيها.
لكن أول مقالة نقدية كتبتها، وكانت جميعها ذات طابع تنظيري، كانت بعنوان نسبية الكمال وتلتها مقالة حول هايدجر بعنوان أنطولوجيا القراءة . للأسف لم أعد أتوفر عليهما. لكنني ما أزال أحتفظ بدراستين مهمتين!!! الأولي قمت بها بتكليف من أستاذي سعيد يقطين الذي درسني الأدب العربي في المرحلة الثانوية وكانت الدراسة الأولي في كتاب مهم وقتها 1981م النزعات المادية لحسين مروة. وقد اندهش لها المدرس وقت عرضها عندما وجدني قد طرحت أمامه دفترا من خمسين ورقة، عوض ورقتين أو ثلاث. والدراسة الثانية كلفني بها أستاذ الفلسفة ـ لم أعد أذكر اسمه ـ وهي عبارة عن عرض لكتاب المفكر المغربي عبد الله العروي، وكان حديث الصدور وهو: مفهوم الايديولوجيا .
هكذا وجدتني أتوجه دون رغبتي الي الكتابة والدراسة النقديتين، أما عاطفتي فمرتبطة بكتابة الابداع؛ شعرا ورواية. ومن خلال الموضوعات التي كتبت فيها وحولها يستخلص الهاجس الفكري وميلي الذي نشأ معي منذ الطفولة التأمل في الذات والواقع والآخر. وهاجس السؤال. السؤال كمعرفة. كمصدر للمعرفة. أي السؤال في طريقة تركيبه وطرحه وبالتالي طريقة فهم جوهر القضايا المحيطة بنا والتي تشكل وعينا. والسؤال كمصدر للمعرفة، لأن غياب السؤال يعني غياب الحياة. وغياب الفكر. وبالتالي الاخصاء الفكري وسلبية الوجود. فكما تعلمت دائما: السؤال لحظة وعي. بمعني أن الذي لا يطرح الأسئلة المعرفية غائب عن الوعي. الانسان المستكين انسان مجوف فارغ كقبر متحرك. والانسان الذي لا يسأل انسان مستلب الارادة، ولا يزيد عن رتبة حيوان غريزي يتكاثر ويغتني، ويموت، ثم كأنه لم يكن. والكتابة ربما هي محاولة لا واعية مني علي التشبث بالأثر الخالد، وبالمشاركة في تنويع الأسئلة وتثويرها في آن...لست متأكدا.
كيف تطورت أو نضجت القضايا النقدية بداخلك؟ أظن في الجامعة كان هناك تنوع بالمناهج الحديثة، وبالقراءات المعمقة التي قادتك الي طريق تبني النقد الحداثي ان صحت التسمية؟
رغم أنني من مواليد أوائل الستينيات الا أنني أعيش بروح الفترة السبعينية في المغرب والعالم العربي والغربي، وأشير هنا طبعا الي تلك الأحداث والأحلام التي أحبطت، وكاد العالم ينساها مع ما يجري حاليا ومع بداية الألفية الثالثة. وبالتالي ففي داخلي انقسام كبير تعايشت معه بصعوبة في البداية لكن الآن أتعايش معه بانسجام كبير. فالأحلام الكبيرة قادتني الي التأمل الشعري، أي العاطفي. لكن الواقع قادني الي العقل. لهذا أقول ما ذكرته في أحد اللقاءات جوابا علي متدخل سألني: أنا تقليدي عاطفيا، وحداثي عقلا فعندما أرغب في الاستمتاع بالصور والتراكيب اللغوية، أميل الي كل ما هو تقليدي. وعندما أعمل علي انجاز كتاب أو دراسة نقدية يندفن داخلي كل التقليد، ويجذبني كل ما هو حداثي، لأن النقد يتوجه الي المستقبل. ويخاطب الحاضر برؤية المستقبل. لأنه يكتب للقادم من الأجيال. والكتابة الحداثية نتيجة طبيعية لقراءاتي التي تشبعت بها، وهي في غالبيتها قراءات في الفكر والفلسفة، وكثيرا ما شدتني اليها كتابات وأفكار فلاسفة الاختلاف. والواقع الحالي كلما تأملته وجدته حداثيا، أي لا يقبل التقليدية في شتي تجلياتها وصورها. وعندما اقرأ لكتاب جدد لا علاقة لهم بما حدث في الستينيات ولا السبعينيات أعتبر نفسي متجنيا عليهم وعلي ابداعاتهم اذا حاكمتهم بعاطفتي ـ العاطفة هنا الموروث الثقافي والمخزون من الذكريات والأحلام المحبطة الخاصة بي ـ فلا أجد بدا من التأمل واستعمال الفكر الخاص، أي الاجتهاد الشخصي من أجل فهم أبعاد كتاباتهم. ولهذا يعيب علي الكثير من الباحثين خروجي علي المناهج، تلك التي لم أؤمن بها كليا منذ البدء فأنا ضد النموذج والنمطية. واعتبرتها في الكتابات النقدية الأولي مجرد تمارين أقوم بها خلال الدراسة والتحليل الأوليين. وقد قدمت في ندوة تكريم المرحوم محمد بوطالب، قبل رحيله، بالصدفة ورقة تحتوي علي التخطيطات الأولي بالرسوم والدوائر والخانات ومعلومات عن الشعراء المغاربة وتواريخ اصداراتهم كانت معي وهي تختلف عن الورقة التي تدخلت بها في الموضوع. وكان طبعا سؤاله (المتدخل من الحضور) حول المنهج في ورقتي النقدية. لذلك أقول لك أخي بشير ان الحداثة عندي تتمثل في الفكرة المبتدعة، والتي تستخلص من النص ومن اجتهاد المبدع، وقدرته علي التقاط المشاهد أو الظواهر! ـ قبل ظهورها ـ التي نمر بها دون القدرة علي اكتشافها أو الانتباه اليها. ان الحداثة فكرة جوهرية. أما المنهج فهو ضروري جدا وملح أيضا لأنه ينظم العمل ويرتبه. وأعتقد أنني لم أتخلص نهائيا وربما سيدوم ذلك فترة طويلة؛ من المنهج البنيوي في شتي تفريعاته.
يطرح النقد العربي في علاقته بالنقد الغربي اشكال التبعية، علي مستويات كثيرة؟ ما رأيك في هذه المسألة؟ وهل يمكن حسب رأيك أن يكون للنقد العربي وجود خاص به، أو علي الأقل لا يتأسس علي النقل فقط؟
سبق أن تحدثت في الموضوع في مجال آخر مختلف عن هذا. لذلك أقول؛ ان الاعتماد علي النقد الغربي ضرورة فرضتها المرحلة سياسيا وثقافيا وحضاريا. فقد تهيأت للغرب أسباب الاجتهاد في ميدان الدراسة والتحليل النقديين، وأسباب الانتشار والتأثير كذلك. واستطاع الغرب أن يتجاوز الروح المقلدة، والرؤية التقليدية المحافظة، وقبل دون تردد دخول المغامرة الكبري. فنهل أفكاره وأدواته من مجالات العلوم الحقة (الخالصة) والعلوم الانسانية. والحركة الاجتماعية التي أعقبت دمار الحربين العالميتين، فتحت شهيته مجددا للتحرر والبناء والتميز. لكننا في العالم العربي لم نستثمر الحركة الفكرية والسياسية والاجتماعية التي رافقت تحرر البلاد العربية من الاستعمار والحماية. وبدل ترسيخ روح المغامرة الفكرية والطموح الي التحرر الشامل ركنا الي التقليد، ودعا كثير من الكتاب الي المحافظة والبناء بالعودة الي الخلف. وتأكد الاختلاف والتفرقة بدل الوحدة. لهذا ظل النقد الأدبي متأرجحا بين أن يكتفي بما كان أو بأن يدخل مرحلة التجديد والتحديث والتحرر. ووجد المجددون أنفسهم في قفص الاتهام بالعمالة والاستلاب والتبعية. ووجد التقليديون أنفسهم متهمين بالتخلف والارتكاس والظلامية، والخروج عن مسار العصر والتطور. لكنني أري شخصيا أن النقد العربي تعلم من الغرب واستلهم مناهجه، وطرائقه في التحليل والدرس. وكانت جامعات المغرب العربي من بين الأولي التي دخلت المغامرة. وفي قلب هذه الجامعات تبلورت المناهج الغربية في الدراسة والنقد. وكان واضحا اخلاص الأساتذة للنظرة النقدية العلمية الغربية منذ السبعينيات من القرن المنصرم. وقد تبين الآن في المغرب توجه خريجي الجامعات، أقصد أصحاب البحوث الجامعية التي تلتزم في دراساتها بالمناهج الغربية بالحرف، وتبحث في مفهوم اجرائي وجزئي واحد، أو تبحث في تطبيق المنهج العلمي بالكامل. وأطلق في المغرب علي هؤلاء الكتاب وصف الباحثين. أي أنه مجرب، يطبق المناهج العلمية التي درسها علي النصوص الابداعية ويحاول طبعا اخضاعها لفرضيات الانطلاق. مع زمرة الباحثين يمكن الحديث عن التأثير ولا أقول التبعية. لأن البحث الجامعي جزء مهم في بلورة النقد الأدبي العربي الحديث. والي جانب هؤلاء الباحثين يوجد في العالم العربي نقاد أدب. ويقصد منهم أولئك الذين لا يقبلون بتجريب واختبار المناهج الغربية العلمية، فحسب بل يناقشونها قبل مناقشة النصوص الابداعية. ولا يقفون عند حدود التطبيق المدرسي، بل ينصتون للنصوص الابداعية، وينصتون للواقع، ويتساجلون مع الأفكار المضمنة في الكتابات الحديثة التي يرفض أصحابها الاعتماد علي المنهج، كليا، وينطلقون من رؤية المغايرة...وهؤلاء النقاد صورة النقد العربي الحديث الذي ينهل معرفته من القديم والحديث الغربي والعربي، لكن حرصه علي البقاء ضمن سياق التحول يدفعه نحو المناطق الأكثر صعوبة، مناطق الاختلاف. اذا، فالنقد العربي ليس كله تقليدا وتبعية لما أنتجه الغرب، رغم أنني لا أري عيبا مطلقا في تلاقح التجارب المعرفية، والأخذ بكل الأدوات الممكنة التي تساعد في فهم أعمق لظاهرة الكتابة، والحاجة اليها، وأبعادها الحضارية والثقافية والنفسية والاجتماعية.
أنت تهتم مؤخرا بالأدب النسوي، هل حقا يوجد تصنيف بهذا الشكل نسوي، ولماذا لا يستعمل مصطلح أدب ذكوري؟ نسبة لجنس الرجل؟
صحيح أن اهتمامي مؤخرا توجه نحو الكتابة النسائية. والهدف طبعا محاولة الاجابة علي السؤال الذي تفضلت بطرحه. هل هناك كتابة نسائية عربية؟ هل يمكن اعادة الاعتبار لقيمة المرأة في المجتمع والسياسة من خلال الكتابة؟ ...
وقد توج ذلك الاهتمام بصدور كتابي المرأة والسرد ودرست فيه الرواية والقصة القصيرة. وسيأتي بعده كتاب بناء الحكاية والشخصية في الرواية النسائية العربية ، وهو كتاب يحاول الاقتراب من تجربة المرأة العربية في كتابة الرواية. وقد لاحظت بالفعل تنوعا في الكيف وتراكما في الكم مؤخرا. شخصيا فرقت في الكتاب الأول بين نوعين من الكتابة عند المرأة: الكتابة النسائية، والكتابة النسوية. فالكتابة النسائية هي الصادرة عن المرأة الكاتبة دون خلفية ايديولوجية نسوية . تكتبها المرأة لأنها تقدم نفسها كاتبة مبدعة أولا. تهتم بالصيغ الجمالية، وتبحث في الموضوعات الحيوية والعامة التي تهم المجتمع بطرفيه الرجل والمرأة. وتكشف عن حقيقة المرأة وحقيقة مشاعرها. وطبعا لا يعني هذا أنها كتابة خالية من الموقف، بل علي العكس انها كتابة ذات موقف من الذات والعالم والآخر لكن تقدم الجمالي والابداعي علي الموقف الايديولوجي. الكتابة النسوية مختلفة عن الأولي كونها تنطلق من خلفية نسوية يتراجع فيها الجمالي والابداعي لصالح الفكرة المسبقة حول الواقع والرجل والذات. وتكون هذه الكتابة ذات مطالب (في مضمونها) سياسية وحقوقية. انها نوع من النضال بالكتابة. النضال ضد مغتصب وضد وضع مرفوض. ومحاولة تغييره الي الأحسن حسب الموقف المسبق. والكتابة النسوية تعلن منذ البدء اختلافها عن الكتابة الرجالية. التي لا تتخذ من المرأة موقفا، بل تجعلها موضوعا جماليا. باختصار يتوجه الرجل في كتاباته ذات البعد الأطروحاتي الي المجتمع ينتقده ويحاكم القائمين عليه. بينما تتوجه الكتابة النسوية الي الرجل لأنه معيق اجتماعي نحو التحرر. وبعد الرجل يقف بعيدا المجتمع كمؤسسات سياسية وحقوقية...ولهذا لاحظت في كثير من هذه الكتابات أنها تشوه صورة الرجل، خلقيا ببتر أحد أطرافه، أو بمواجهته بما تعتبره تلك الكتابات اهانة قاسية له عندما تمسه في موضوع الفحولة...الخ. اذن هناك كتابة نسائية ذات بعد ابداعي وجمالي تضيف الي الكتابة العربية عامة وتثري المكتبات العربية المعاصرة بأفكارها الجديدة وبأساليبها المبتكرة، وبتحاليلها العميقة للواقع الاجتماعي والسياسي والحقوقي. وهناك كتابة نسوية تدافع عن وضعية المرأة في المجتمع العربي، وتولي الأهمية للقضايا الحقوقية، وللدور السياسي للمرأة العربية حتي تخرج من منطقة الشلل الذي وضعتها فيه الفترات التاريخية السالفة.
هل تشعر بأن كتابة المرأة أضافت للابداع العربي أم أنها بقيت محصورة في عقدة الاضطهاد وهاجس فرض الذات واثبات الوجود؟
أعتبر أن دور المرأة قادم وبقوة في تفعيل الكتابة العربية، وفي اقتراحاتها الجمالية المبتكرة، وبأنها ستساعد علي تغيير واغناء المكتبة العربية. والدليل علي ذلك الأسماء الجديدة والمجدة المجددة في آن، والكثيرة ليس في المغرب العربي وحسب، بل الكاتبات القادمات من الخليج العربي يفرضن حاليا أصواتهن وبجرأة مميزة. وكل ذلك اضافة سواء أكانت كتابات نسائية أم كتابات نسوية.
اذا انتقلنا الي مجال أوسع ما رأيك في وضعنا الثقافي العربي اليوم؟ أقصد أنه لم يصغ بعد أسئلة قادرة علي بناء فعلي للذات العربية في تعدديتها؟
لا يزال خطاب الواحد (لنفترض أنه خطاب السياسي) قويا ومهيمنا، ما رأيك؟
الوضع الثقافي العربي اليوم أكثر تعقيدا من سابقه. علي المستوي الابداعي تحقق الشيء الكثير. هناك تراكم وتنوع في الابداع. هناك تجريب في الكتابة، في صيغ الكتابة أخذ مداه، وتعدد أبعاده. والموضوعات التي تم اختبارها كثيرة جدا. تم احياء التراث العربي السياسي والصوفي والتاريخي...وتم استغلال جمال الرمز في الأسطورة اليونانية والرومانية ...كما اعتمد الكتاب علي احياء الموروث الشعبي لكل قطر علي حدة...لكن الفرق يكمن في أن الثقافي الآن ازداد، رغم التنوع والتعدد ووفرة الكتاب، عزلة وتهميشا. ويلاحظ ذلك الجميع في أغلب الأقطار العربية، من خلال الميزانيات المخصصة من مال الدولة لتسيير قطاع الثقافة. وأيضا من خلال تراجع مستوي القراءة، ومحاصرة الكتاب ومنعه من الانتقال بحرية بين الأقطار العربية. ويلاحظ كذلك من خلال عملية منع نشر الكتب، وحبس أصحابها أو تكفيرهم وتجريمهم...زد علي كل ذلك المجابهة الحقيقية والاختبار العسير للكتاب أمام التقنيات الحديثة والسياق الرقمي الذي وسع من هامش الكتابة والكتاب لكن خلق انحسارا في المتابعة واللقاء، لأن الواقع محدود بالزمان والمكان، بينما الافتراضي مطلق ولا محدود. ولا يمكنك الترحال بسهولة بين خيط الشبكة الدولية...الوضع الثقافي اليوم فعلا ملتبس، هناك غني ووفرة في المقترح الابداعي والمنجز أيضا لكن يقابله اهمال وتهميش وتقليل من قيمة الفعل الثقافي والابداعي خصوصا ما دامت القوي العربية غير قادرة علي جعل الكتاب مجالا حيويا للاستثمار. ولا تقبل حتي التفكير الجدي في العملية. فتح نوافذ الاعلام الأرضي والفضائي الجاد علي الكتابة الجادة التي تخلق القيم وتربي الشعوب علي حب القراءة، وحب المعرفة، وحب الذات الكريمة...والأخطر من كل ذلك استسلام الكتاب والمثقفين للأمر الواقع، وقبولهم بعد سلسلة الفشل السياسي في تحقيق الأهداف والأفكار وقبولهم بالقليل المنجز، كالوصول الي مراكز القرار التي أصبحت مراكز الثراء والتسلط والشطط... الموضوع ذو شجون يا صديقي. لذلك أقول لك ليس الثقافي وحده الذي يعاني اليوم بل السياسي أكثر.
ما هي مشاريعك القادمة؟
حاليا أشتغل علي كتابين، علي انهائهما وتقديمهما للنشر. الأول يتعلق بالعالم الابداعي والنقدي للكاتب العراقي المقيم بتونس عبد الرحمن مجيد الربيعي. وهو عمل نقدي يدرس انتاج الكاتب من خلال التنوع والغني اللذين عرف بهما عبد الرحمن مجيد الربيعي، كما أن الكتاب محاولة اعتراف بمجهود الرجل في اغناء المكتبة العربية، والخدمات التي قدمها لكثير من المبدعات والمبدعين العرب الشباب والكهول. الكتاب الثاني اخترت له عنوانا مرحليا، مرتبطا بمجال بحثي الحالي وهو: بناء الحكاية والشخصية في الرواية النسائية العربية المعاصرة . وكما هي عادتي في مثل هذه الدراسات النقدية ارتأيت أن أضيف الي الكتاب دراستين واحدة عن الرواية النسائية التونسية، وأخري عن الرواية النسائية في الجزائر، حتي يكون الكتاب خطوة مفيدة ومهمة لي وللدارسين في تتبع تجليات الكتابة النسائية العربية في مختلف الأقطار العربية واستخلاص المؤتلف والمختلف في تلك الكتابات. وبعدها طبعا يمكننا الحديث عن كتابة نسائية عربية، أو فقط الحديث عن كتابة نسوية ذات بعد ايديولوجي محض لا جمالي وأدبي. وما أزال أنتظر منذ حوالي أربع سنوات صدور كتابي القصة القصيرة المغربية في السبعينيات عن اتحاد كتاب المغرب.

التقاه: بشير مفتي

عن القدس العربي/ لندن

Publicité
Commentaires
Publicité
محمد معتصم
Archives
Publicité