Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
محمد معتصم
Derniers commentaires
Newsletter
Catégories
محمد معتصم
  • تتضمن المدونة عددا من المقالات والدراسات، والأخبار الثقافية والآراء حول المقروء والمنشور والمتداول في الساحة الثقافية. مع بعض الصور
  • Accueil du blog
  • Créer un blog avec CanalBlog
7 novembre 2006

في حوار مع الروائي المغربي أحمد الكبيري


على الكاتب أن يواصل فعله الملتزم في زمن المصابيح المطفأة
الرباط – آنا – عبد الرحيم العطري
ذات بورتريه فائت انكتب هذا القول في حق ضيفنا المبدع المغربي أحمد الكبيري : ” على طول طريق المصابيح المطفأة بفعلهم طبعا ، كان المبدع أحمد الكبيري يكتب لغة اليومي و القاع الاجتماعي ، و يقول ضمنا لمن استحبوا اغتيال الضوء و زراعة العوسج ، يقول لهم بكل بساطة ، بأن النور سيشع من رحم المعاناة ، و أن المصابيح ستشتعل و ستزورها الفراشات ، أي نعم هي اللحظة مكسرة و مطفأة و مأوى لخفافيش الظلام ، لكن الصبح لناظره لقريب ، فالكبيري مدمن حلم و ضحك و مسافات طوال .
يستمر الكبيري في العدو الروائي يعيد لمصابيح الزمن اشتعالها في عتمة البياض كما قال العزيز بلمو ، يداعب جراح ذاكرة متورمة، بل منتصرة قبلا و بعدا لنوستالجيا الفائت البهي، يعيد اعتبارا مفتقدا لشخصيات أسطورية ، للصديق الخياط المفتون بالشعر و إذاعة لندن ، لرفاق الدرب و آل الجبل الذين حاق بهم السخط المخزني منذ زمن بعيد ، إلى أن نحتوا عبارة ” نطلعوا للجبل ” الثورية بامتياز .ألم يقل بورخيس في سويعات البذخ الشعري ” ذاكرة الزمن ، مليئة بالسيوف و السفن ، و بغبار المملك ، و جلبة سداسية المقاطع ، و بأحصنة الحرب العظيمة ” ، و ذاكرة الريف مليئة جدا بالندوب ،موغلة عميقا في الحزن و البكاء ، ألهذا يحرص الروائي الكبيري على الضحك ملء القلب ؟
حكاياه خليط من حناء و زعتر ، ماء ورد و أريج زهر ، لا يدع الفرصة تنتحر دون أن يهدي الأحبة ضحكا طفوليا ، دون أن يحرضهم على الابتهاج و الفرح مهما اكفهرت و عبست في وجههم الأيام ، فالرواية عنده تفجير معتق للأحاسيس، بذر مستمر لشتائل الفرح و الصمود ، لهذا فهو يكتب تفاصيل الهوامش المنسية ، يطوي المسافات الطويلة جنوب الروح الشقية ، يعيد للمكان قبل الزمان ألقه المهدد بالانقراض ، يروي عطشا بإكسير الولادة ، يطرد حزنا بكيمياء الضحك اللذيذ ، كما خبثا بالنفس الطويل” .
و على درب الاقتراب أكثر من هذا المبدع العميق نحمل إليه أسئلة أخرى تبحث في تجربته و كيمياء صنعته الروائية ، فإلى البدء .

- من يكون المبدع أحمد الكبيري ؟
- كنت أمشي ذات مساء متأملا وجهي في السماء، فوجدت الليل يغمر السحاب و القمر يسبح في الظلال وحيدا..ضربت حجرا بحجر، لكن الشموع بيدي ظلت أسيرة القبور..فقلت آه لو كانت لي أجنحة لبنيت لي عشا لا يثقل غصنا في الأعالي، ولا وصلته رجوم الصغار. لكن الحبل متى هبت ريح مثقلة بالغمام، أشار علي باختصار العمر أو مواصلة ضرب حجر بحجر لعله يضيء..يقول لي: ” إذا كنت مطرقة دق، وإذا كنت وتدا اصبر للدق”. هذا هو أحمد الكبيري، طفل يسرح أيامه بعصا واهنة، يهش بها على اليأس والقنوط ويشق له بها في الآفاق البعيدة فجاجا للأمل والحب…إنسان بلا جدع لكنه لصيق بالتراب مخلص للهامش الذي أنجبه.
- لماذا اخترت أن تكون مدمن حرف و سؤال ؟
- من تكون له القدرة على الاختيار أبدا لا ولن يصبح مدمنا..المدمن في الغالب شخص وقع بالصدفة في ورطة، فعشق ورطته وأدمن عليها باقي حياته..ولذلك فأنا لم أختر الحرف ولا السؤال، فقط وأنا طفل لم أتجاوز الثانية عشرة من عمري، حين اكتشفت الكتابة كمتنفس، بسب فقدان أمي وقهر اليتم، والفقر والتيه، ارتميت في أحضان البياض بكل سوادي…ومتى اشتد بي الحزن وضاق على جسدي قميص الحنين انفجرت على ورقة خربشات. وحتى الآن لا أعرف لماذا رافقني الوعي منذ ذلك الزمان، على الرغم من فوضاي، بضرورة الاحتفاظ بأغلب ما خطته أناملي من كلمات؟ إن الكتابة بهذا المعنى ورطتي الجميلة التي وقعت في شباكها صدفة فأحببتها وواصلت اقتراف إدماني الذي لا أرجو شفاء منه.
- هل من جدوى للكتابة و الانكتاب هنا و الآن ؟
- عندما أصل لطرح هذا السؤال بالضبط، أخرج عصاي وأهش بها على الإحباط اللعين المتربص بوجودي..وأطرح في الآن ذاته سؤالا مضادا، ما الجدوى من عدمي؟ فتشق أمامي آفاقا رحبة وأواصل إدماني اللذيذ متفائلا.. ثم إنه ليست لدي أوهام…فأنا واع تمام الوعي، ما معنى أن تكون كاتبا في بلد عربي…إذا كبر شأنك وحزت على جائزة نوبل، سارت في جنازتك يوم تموت أو تقتل، بالكاد مائتي نفر وتحدثت عنك وسائل الإعلام لبضع ثوان…لكن الكتابة، وهذا المهم على الأقل بالنسبة لي، ليست لديها أوهام وهي الجدوى وهي الوجود.
- إذن ما معنى أن يكون المرء كاتبا ؟
- قد أخيب ظنك فأقول: الكاتب في نظري كأي مبدع آخر، لابد أن يكون له دور يلعبه على مسرح الحياة وأن يكون مقتنعا به. وهذا الدور ليس بالضرورة أن تكون الجدوى منه ذاتية وآنية..فمثلا عندما أجلس تحت شجرة وارفة الظلال في حديقة ما، أو أقطف ثمرة بشجرة في حقل أبي، قد أتساءل عن عمر الشجرة، وعن الذي غرسها، وهل لا يزال على قيد الحياة أم مات قبل عشرات السنين… وقد لا أطرح أي سؤال، لكن في قرارة نفسي أحس نعمة الخلق وأتلذذ ثمرة العمل.. ولذلك أن يكون المرء كاتبا معناه، هو أن يكون أكثر إحساسا من غيره بجدوى العمل وأكثر دقة في ترجمة هذا الإحساس ونشره بين الناس ليتوهج الجمال.
الكاتب عليه أن يواصل في زمن المصابيح المطفأة، ضرب الحجر بأخيه لعل شرارات نار أو نور تضيء العتمة…وإذا عجز عن إطلاق شرارة ما، فليضرب رأسه بكل ما أوتي من قوة مع الحائط… الاصطدام هو أيضا يشعل نجوما تضيء. والخطر هو مواصلة طرح مثل هذه الأسئلة.
- تجد نفسك في الرواية ، لكنك تفاجئنا من حين لآخر بنصوص شعرية ، فكيف يستيقظ الشاعر فيك ؟
- أنا أعتبر كل كاتب حقيقي شاعر بمعنى ما. لأن الذي لا يمتلك إحساس الشاعر ورهافة لغته وشفافية روحه، لا أعرف كيف بإمكانه أن يصل إلى وجدان الناس وقلوبهم… وعندما أكتب بعض النصوص التي يمكن تجاوزا اعتبارها شعرا أو قريبة منه، أكتبها في سياق انكتاب عام داخلي…إلا أنها تكون أكثر إخلاصا للذات الكاتبة ولا تترجم إلا الأنا لتقول الآخر..وهي في الغالب زفرات تصاعد فيها أدخنة حرائق الروح و سخام حطبها. أما ميولي للرواية. فمتصل بمخيلتي الجامحة والأصوات المرتفعة بجمجمتي.
والمحصلة، ثرثرة متواصلة لا تسعها الأجناس الأخرى.
- هل لنا أن نعرف كيمياء صنعتك الروائية ، كيف تمارس هذه الفعلة ؟
- أعتقد أنها فعلة قبيحة نجاك الله منها..لأنها تضطرك لرسم مسارات محددة لشخوصك، وقد تدفعك للزج ببعض هذه الشخوص إلى إتيان أفعال مشينة، وقد تقترف جريمة قتل في حق بعضها… ثم هي فعلة قد تدفعك لممارسة الكذب بشكل فظيع. كذب متقون طبعا، مع مرور الوقت، قد ينطلي عليك قبل غيرك فتصدقه..كما تدفعك للجهر بمواقف وآراء قد تجعلك محط تربص وترصد إلى أن يأتي الدور لتؤدي الثمن…وقد يكون الثمن باهضا.
أما كيف أمارس هذه الفعلة؟ فأقول لك: “حتى الآن أنا لم أخرج للوجود إلا رواية واحدة،”مصابيح مطفأة” وقد استغرق تفكيري في كتابتها ما يزيد عن عشر سنوات… إلا أنني حين عزمت على إنجازها قمت بذلك خلال سنة. لأني وكما سبق أن أشرت إلى ذلك، عندي من مسودات المادة الخام لإنجاز مشروع روائي بكامله. فقط يلزم بعض التفرغ لإنجاز كل عمل روائي مبرمج في آجاله. وليس سرا أن أقول لك بأن كتابة الرواية عمل مضن وشاق..لأن مسار الشخوص وضبط الأزمنة وتحقيق المتعة والحفاظ على تيمة النص وتمرير الخطابات يتطلب ذهنا متقدا وذاكرة فظيعة وفوق ذلك موهبة وطاقة متجددة لمواصلة العمل…وهذا بالضبط ما لا أدعيه.
- هل لك من طقوس خاصة و أساسية لممارسة فعل الكتابة ؟
- لعلمك ، مثلي مثل جل الكتاب في عالمنا العربي، لست محترفا… وكما كان يردد دائما الكاتب المغربي محمد برادة عن نفسه، فأنا من كتاب الآحاد فقط.. لأن العمل الضامن للخبز والكرامة يستهلك من وقتي وبشكل يومي ما يزيد عن عشر ساعات..ولذلك فالطقس الوحيد الذي أمارسه للانتقال من المعيش إلى المتخيل هو الوقوف على رأسي كل مساء، لبعض الوقت… أفرغني من قساوة الحياة وعنف اليومي. تماما كما يفرغ سطل قمامة ظل اليوم بكامله مركونا في زاوية ما، يرمي كل واحد فيه قاذوراته…ليوضع في الغد بنفس الركن بسعة قادرة على امتصاص قاذورات يوم جديد..فالعالم في حالة الصحو أراه مقلوبا…وطقسي هو ما يجعلني متصالحا معه وقت الكتابة.
- كيف تنظر إلى واقع الرواية العربية آنا ؟
- بكل صراحة، لست ملما بكل التجارب الروائية العربية إلماما يجعلني في موقع المتتبع لواقع الرواية العربية، وتقييمه تقييما موضوعيا، لكن من خلال عدد لا يستهان به من الروايات التي استطعت الحصول عليها وقراءتها من أقطار عربية متعددة، يسمح لي بإبداء انطباع ، يروم الانتصار للرواية في شكلها الجديد، ويجعلني أكثر تفاؤلا بمستقبلها… ويكفيني غبطة أن أقرء أو أسمع كل يوم عن عمل جديد خرج للوجود وأعمال أخرى في طريقها إلى القراء..فمواصلة الكتابة في جنس الرواية، في ظل الأوضاع الثقافية المزرية، وحده انتصارا للكلمة ونبراسا يدل على المقاومة ويبشر بالأمل ويحفز على المزيد من التراكم.
- و هل يمكن القول بأن الزمن العربي القادم هو زمن الرواية لا الشعر ؟
- لست أدري لماذا لا يشغلني هذا النوع من التمييز بين هذا الجنس وذاك..ولا يهمني أصلا أن تكون الريادة للشعر أو الرواية أو القصة أو شيء آخر… ربما قد يكون هذا إجرائيا، بالنسبة للنقاد، مهما، لكن بالنسبة لي كمبدع ما يهمني هو جوهر النصوص، كيفما كان جنسها…فقصيدة جيدة من صفحة واحدة، قد أفضلها على رواية من عشرات الصفحات..ثم إني أعتبر الأهم هو حرية المبدع، الذي له مطلق الاختيار ليكتب في الجنس الذي يستطيع الإبداع فيه…الشيء الوحيد الذي لا أستسيغه هو الكتابة في جنس ما، فقط لاستسهال ذلك الجنس الأدبي من متطاول أو بليد.والزمن العربي الذي أحلم به هو زمن القراءة.
- ما جديدك الإبداعي ؟ و علام تشتغل آنا ؟
- قريبا ستصدر لي رواية ثانية، لم أضع لها عنوانا بعد، لكني أثناء إعداد اللمسات الأخيرة لفصولها…وهي جزء ثان ل”مصابيح مطفأة” قد تضيء عتماتها باندلاع حرائق شخوصها…لكن المؤلم دائما، هو أن يأتيك المخاض وتكون، لاستقبال مولودك الجديد بكرامة، مضطرا لإجراء عملية قيصرية بإحدى المطبعات وأنت مفلس.
- في الختام اترك لك مساحة حرة للتوقيع
- وحدها بصمات الضوء التي تخلفها خطانا في درب العتمة، تسمح بالأمل للاحقين بمواصلة الطريق..فمزيدا من العمل ومزيدا من الاحتراق…فأبناؤنا يستأهلون زمنا أفضل.

عن موقع دروب

Publicité
Commentaires
Publicité
محمد معتصم
Archives
Publicité