Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
محمد معتصم
Derniers commentaires
Newsletter
Catégories
محمد معتصم
  • تتضمن المدونة عددا من المقالات والدراسات، والأخبار الثقافية والآراء حول المقروء والمنشور والمتداول في الساحة الثقافية. مع بعض الصور
  • Accueil du blog
  • Créer un blog avec CanalBlog
3 décembre 2007

حوار مع القاص أنيس الرافعي

محمد معتصم

الناقد الأدبي

تمهيد:

أنيس الرافعي قاص مغربي من الجيل التجريبي الجديد، أصدر حتى الآن ثلاث مجامع قصصية مميزة، لم تمر دون لفت الانتباه إليها؛ وهي على التوالي: أشياء تمر دون أن تحدث فعلا/ 2002م، والسيد ريباخا/ 2004م، والبرشمان/ 2006م. كما أصدر مؤخرا كتابا يضم الكتب الثلاثة السابقة تحت عنوان "علبة الباندورا/ 2007م.

في هذا الحوار الذي جمعني وإياه ثلاث حزم متنوعة ومختلفة تحتوي على قضايا كثيرة جدا لكنها لا تخرج عن محور القصة القصيرة. قضايا لم تزدها إجاباته إلا تشويقا وأشعلت الرغبة في السجال حول جنس إبداعي اختلافي. حجمه قصير، لكن أبعاده عميقة وبلا حدود. طبعا لن أقوم أنا إلا بالمحاورة وأترك للقارئ الحق في المساجلة وفي تعميق المعرفة. لأن أنيس الرافعي ذاكرة تختزن الكثير.

الحزمة الأولى: في القصة.

س/ هل لديكم مفهوم خاص للقصة القصيرة التي تكتبونها ؟

ج/ لا يمكن بأي حال من الأحوال، أن أدعي أني أصدر من مفهوم خاص أو محدد لكتابة القصة. المفهوم الخاص والمحدد "وصفة مفترضة" يحوزها القاص أو قد لا يحوزها بعد مسار غائر وممتد من الكتابة. يصدق هذا القول على كل قاص معياري وخطي يطمئن تمام الاطمئنان لأدواته وإوالياته ورؤيته. أما أنا فأحدس أني أقع في الجهة الأخرى لتصور من هذا الطراز – القصة – في تقديري الشخصي المتواضع – لا يقينية بلا جدال وقلقة باستمرار. ضد الجاهزية والتعاريف المغلقة. ورشة مفتوحة بامتياز على الجديد والدينامي والمحدث والمختلف. وحتى بعض المبدعين الذين دبجوا مؤلفات تتطلع إلى هذا الأفق الاصطلاحي/ المفاهيمي من أمثال محمد خضير في "الحكاية الجديدة" وأحمد بوزفور في "الزرافة المشتعلة" وإدوار الخراط في "مهاجمة المستحيل" وأمبرطو إيكو في "ست جولات في الغابة القصصية" وإيطالو كالفينو في "ست وصايا للألفية القادمة" وإنريكي أندرسون إمبرت في " القصة بين النظرية والتقنية" وفرانز أكونور في " الصوت المنفرد" وخوليو كورتزار في " قصتي القصيرة"، لا يمكن أن نستشف من "انطباعاتهم النقدية" سوى مفاهيم تقريبية تضيء مجاهل وأدغال عوالمهم القصصية أو تعريفات ملوية العنق مستنبطة من النماذج الكونية العليا في كتابة القصة..والقصة الكلاسيكية بالتحديد.

س/ لماذا هذا الإصرار من لدنكم على كتابة القصة القصيرة من موقع الاختلاف؟

ج/ أعتقد أن هذا الإصرار على الاختلاف أو ما أسميه ب " التجاوز بدل التجاور" أم طبيعي ومشروع وبدهي إلى أقصى الحدود، ما دمت مبدعا يلوح بكونه يحمل مشروعا حداثيا له صلات ووشائج وطيدة بالأزمنة والمتغيرات التي يعرفها عالمنا المعاصر والتي أفضت لولادة "القاص السبرنطيقي" أو ما يسميه الصديق القاص محمد اشويكة ب "التكنو- قاص". هذا الذي يمثل النوعية بدل الكمية والتكنيك بدل الفطرة. كما أنه من غير المعقول أو المقبول أن أكون منتميا بحذافيري لألفية جديدة ترفل وتمور بسياقات عولمية مرعبة وبثورة جهنمية للاتصالات الحديثة، وأكتب وأعبر عن ذاتي وعن الآخرين وعن العالم بمرجعيات سلفية أو ماضوية تعود القهقرى إلى زمن سابق انقضى وولى من غير رجعة.

س/ عندما تكتبون القصة القصيرة تركزون بشكل أساسي على كل من الجانب الشكلي والإيقوني، ألا يمثل هذا التركيز – في رأيكم – إجحافا في حق المحتوى القصصي؟

ج/ لا أعتقد ذلك، فكل من الجانبين الشكلي أو المضموني – استنادا إلى تجربتي الخاصة – يتكاملان ويتحايثان فيما بينهما فيما يشبه الترابط التام غير القابل بلانفصال أو الانصام. وفي غالب الأحيان المحتوى هو الذي يتحكم في الشكل الختامي الذي يتصيغ عليه النص القصصي. وتجدر الإشارة في هذا السياق، إلى أن الجانب الأيقوني أو الكاليغرافي أو استثمار الفضاء النصي حسب التسميات المتعددة للمنظرين والباحثين قد ظل مهملا ومغيبا لعقود طويلة لدى الكتاب أصحاب الرؤية العمودية في كتابة القصة، إلى أن أعيد إليه الاعتبار مع قصاصي الموجة الجديدة وأصبح يشكل عنصرا بنيويا لا غنى في عملية تخليق النص القصصي الحداثي. حيث بتنا نلحظ استثمارا جغرافيا وتشكيليا للكتابة على البياض وبتنا نلفي عناية فائقة بتوزيع السطو وطرائق الترقيم وتقسيم الجمل وتنويعها من ناحية حجم الحرف والتسطير أو التشديد على بعض المقاطع أو الجمل أو الكلمات. ولعل هذه العناية تتساوق تماما مع "المنطق التقني" الذي أصبح يحكم الرؤية الفنية والأنطولوجية للقصاصين، كما أنها ترجع – حسب راي الناقد الأردني المتميز محمد عبيد الله – إلى محاولة القصاصين امتلاك جغرافيا خاصة كبديل أو معادل موضوعي عن العالم الخارجي وعن غياب أحيزة مكانية وجغرافية حميمية في الواقع الفعلي.

س/ جاءت مجموعتكم الأولى عبارة عن "تمارين قصصية"، بينما الثانية "تعاقبات قصصية". هل هذا أنكم تعترفون بقيمة "المتوالية السردية" في كتابة نصوصكم؟

ج/ أتفق معكم إلى حد بعيد في هذا الطرح، لأنه سعي من لدني لإنتاج "ديوان قصصي" (مثلا كما فعل إدوار الخراط في متتاليته القصصية "أمواج الليالي") له خطاطة معينة وتصور متكامل وموضوعة موحدة، وليس تجميعا اعتباطيا لنصوص قصصية متنافرة الرؤية والموضوع كتبت في أزمنة وأمكنة وأسيقة جمالية ونفسية مختلفة. وهذا المفهوم – أي "الديوان القصصي" – يخضع لاختيارات أجناسية تمليها أو تتوافق مع الرؤية السردية التي تنتظم العمل ككل والتي أتغيا بثها في النصوص لتعيش بداخلها مثل الخلايا العضوية. فمثلا في مجموعة "أشياء تمر دون أن تحدث فعلا" اشتغلت بمنطق التمارين الأسلوبية على حالات أنطولوجية ورياضية تعتمد تقنيات التأمل الفلسفي البسيط ولعبة المربكة (البازل)، بينما في مجموعة "السيد ريباخا" تعاقبت على مرايا شخصية نمطية واحدة في حالات متعددة تخضع لتنميط أجناسي ساخر. كما أنني سأواصل نفس النهج في مجموعتي القادمة التي ستكون عبارة عن سلسلة من الملاحظات التغريبية حول الأشياء: ملاحظات حول الجدران، والكراسي، والمراحيض، والعلب الليلية...إلخ.

س/ كما هو معلوم، لا يكتب القاص من فراغ. فما هي المرجعيات التي تستندون عليها في كتابة النص الحداثي؟

ج/ بالتأكيد، لا يمكن أن تكون هذه المرجعيات أو ما يسمى ب "مجرات التأثير" إلا حداثية تمفصلية حسب التصور الإدلتوني. تارة تنجز حركة إلى الوراء بحثا عن الممكنات القصصية التراثية التي يمكن استثمارها وفق رؤية جديدة بعد إعادة اكتشافها ونفض غبار العادة عنها. وتارة أخرى تنجز حركة إلى الأمام للنهل من مختلف الحقول المعرفية التي قد لا يوجد بينها أحيانا ترابط موضوعي. وهي تلك التي كان يطلق عليها إرنست همنجواي عبارة "أدب ليس كله أدب". لكن يجدر هنا التنبيه إلى أن هاتين الحركتين تتطلب من القاص الكثير من الدربة والمراس، وكذا التعامل مع كتابة القصة ك "تسلية جادة" لا ك "تسلية مجانية" كما كان إليوت يسم الشعراء الكسالى، حتى يتمكن من صهرها في سبيكة واحدة يكون بمقدورها إحداث ثقب معقول الاتساع في جدار القصة التي توصم عادة ب "المحافظة".

س/ كيف تشخصون اللغة القصصية لديكم ؟

ج/ من جهة نظري الخاصة، تعد اللغة إحدى الجماليات النوعية المركزية للقصة الجديدة، حيث تم تخطي لغة الحكي المباشر ذات الطابع البياني البديعي الزخرفي التفخيمي. لغة الآداب السلطانية/ البلاطية التي كان محكوما عليها أن توفر للحكاية البليدة كل مقومات الانفراج من جنس وغدر وانتقام وسحر وفكاهة ودفء وطرافة ومفاجأة وخاتمة سعيدة جدا لا تشبه الحياة. وقد تم الاستعاضة عنها – في إطار التجريب الواعي بتشييده لبلاغته الخاصة – بلغة مهجنة للنوع القصصي تجافي نظافة وطهرانية وقدسية اللغة الموروثة المتكلسة، كما أنها لغة تستضمر وتترادف على نحو "ديمقراطي" مع خطابات وأساليب مُرَحَّلَةٍ من حقول إبداعية أو غير إبداعية أخرى بعد ما طال نظرية الأنواع الأدبية من انحلال وتفسخ إيجابي وتبدل للمواقع والمراتب. ففي تجربة"الغاضبون الجدد" كانت اللغة انفجارية متكتلة ضد كل شيء ولا شيء. ساخطة ومتذمرة على نحو لا يطاق، ثم في التجربة "الكوليزيومية" نزع فتيلها قليلا وخفت صخبها في مجموعة "أشياء تمر دون أن تحدث فعلا"، إلى أن أضحت لغة مشعرنة تتماهى مع المنجز الباذخ والباهر لقصيدة النثر في مجموعة "السيد ريباخا".

الحزمة الثانية: في الجيل القصصي

س/ يشكل مفهوم الجيل قضية كبرى لدى الشعراء. فماذا يعني لدى القصاصين المحدثين؟

ج/ كما لا يغيب عن بناهتكم، لا يمكن إنكار سطوة هذا المفهوم "غير النقدي"، الذي يسمى "الجيلية" لفترةطويلة على ذهنية وذائقة كل المبدعين الشباب سواء أكانوا قصاصين أم شعراء، غير أنه – حسب تصوري الشخصي واستتباعا للطفرة الفاقعة التي أنجرتها القصة المغربية الجديدة- لم يعد يعتمد لدى القصاصين المحدثين- وخاصة لدى نذروا أنفسهم للقصة لا غير- كمعيار للمفاضلة انطلاقا من منظور زماني خالص، أي كأداة تحقيبية/ صنافية قد تكتسي أحيانا صفة "الازدراء" صوب الكتاب الذين ما زالوا قيد "الأشكال ما قبل القصصية"، أو صفة "الهجاء المتوحش" في أحايين كثيرة تجاه الكتاب المكرسين أو الكبار (الكبار في السن طبعا!). لقد أصبح معيار المفاضلة الجديد قائما على أساس حساسية أدبية مختلفة مقابل حساسية أدبية نمطية أو تجربة جمالية مفارقة ضد تجربة جمالية متجاوزة دخلت مرحلة العنوسة ونضبت دماء الإبداع في دورتها الشهرية، كما لم يعد بمقدورها التفاعل مع مستجدات العصر بشكل خلاق ومبدع يكفل تجاوز المنجز ويفتح باستمرار أبوابا جديدة للمغامرة والتجريب.

س/ هل يمكن القول إن جيلكم مصاب بعقدة "قتل الأب" ؟

ج/ هذا على الأقل ما يلهج به على الدوام "عميد القصة المغربية" الأستاذ إدريس الخوري، الذي صرح مؤخرا على الملإ أن "أغلب القصاصين من هذا الجيل يتبنون نظرية قتل الأب الرمزي على طريقة دستويفسكي" ثم أضاف بأننا "جيل غير مؤدب". وفي مقابل ذلك يتهم الصديق القاص محمد عزيز المصباحي الجيل السابق – الذي يسميه بسخرية "جيل الحركة الوطنية" – بعقدة "إسماعيل" (قتل الابن). وربما عما قريب يطلع علينا أحد آخر يتحدث عن عقدة "قابيل وهابيل" (قتل الأخ) أو عقدة "هاجر" (قتل الزوج بالنسبة للقاصات مثلا!) ...إلخ.

وكما يبدو شاخصا، فكل هذه "التشخيصات" تتبنى تصورا كلينيكيا وفصاميا للمشهد القصصي. غير أني – شخصيا – أتصوره مثل قصة "سبعة طوابق" للإيطالي دينو بوزاتي. أتصوره مثل وقائع هذه القصة تماما لكن مع عكس طوابقها: أعلاها للوعكات العضال، المزمنة وغير المعتادة وكل طابق أدنى يضم الحالات الخفيفة فالأخف حتى الطابق الأول الذي يقطن فيه ممثلو القصة الجديدة.

س/ ما هي التجارب القصصية التي تجدونها قريبة منكم كجيل؟ وهل يمكن الحديث عن جيل موحد؟

ج/ يمكن الحديث عن جيل توحده أو بالأحرى يقترف عملية الاصطفاف لخدمة ذات "النزعة التحريفية" إذا شئنا استخدام لغة التحليل الماركسي الذي فضضنا صداقتنا القديمة معه، لكنه جيل "فسيفسائي" على صعيد أطره الجمالية وخصيصاته الفنية يشبه إلى حد بعيد فكرة الدوائر المائية أو النقط الحلزونية. أما التجارب التي أجدها قريبة مني، فهي التجارب التي استطاعت حفر ضفة خاصة بها في اتجاه النهر الكبير للقصة المغربية، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر تجارب الأصدقاء والصديقات: عبد المجيد شكير ووفاء مليح وسعيد منتسب ومحمد اكويندي وعبد المجيد جحفة ومصطفى جباري وحسن البقالي ومحمد أمنصور ومحمد اشويكة ورجاء الطالبي وخديجة اليونسي وعلي الوكيلي وشكيب عبد الحميد والمختار الغرباني وسعيد الريحاني وعبد الله المتقي ومحمد وفيق وعبد اللطيف الزكري وعبد الواحد استيتو ومحمد تنفو وفوزي بورخيص ومحمد العتروس وعبد العزيز الراشدي وأحمد العبدلاوي وياسين عدنان وحنان الدرقاوي وعبد الحكيم امعيوة وسعيد الفاضلي وعبد المجيد الهواس وتوفيق مصباح...إلخ.

س/ هل يمكن اعتبار جيلكم امتدادا للأجيال السابقة، أم أنه يمثل إضافة ذات حساسية مختلفة في كتابة القصة القصيرة؟

ج/ لثلاثة أسباب "موضوعية" يمكنني التصريح أن جيلنا يمثل إضافة لا امتدادا:

أولا، لأنه دخل بتجربة الكتابة من نطاق الرحابة والشمولية إلى الذات.

ثانيا، لأنه "خصخص" جنس القصة ونأى به عن كل من ضاقت بهم سبل القصة.

ثالثا، لأنه كتب القصة بجوهر وروح المرحلة "الافتراضية" التي جبت ما سبقها من مراحل: الشفهية وكتابية وإعلامية.

وما عليك – يا عزيزي محمد- إلا انتظار إعصار "النينيو القصصي" القادم!

س/ ما هي الخصائص والمقومات التي تبرز ما خلصتم إليه؟

ج/ هي كل الاحتفاءات التي حققتها القصة المغربية في نسختها الجديدة المزيدة والمنقحة: الإطارات/ البيانات/ اللغة/ مبدأ التذويت/ التفتيت/ شعرية العادي/ تدمير الواقعية/ الأسطرة والتتريث/ موت الأدلوجة/ الميتاقصة/ التقانة/ الجسد/ القصة المضادة/ المنطاسي المستحدث/ تشتيت الانطباع/ تضبيب المكان وانعدام الزمان/ استثمار الفضاء النصي/ المناجاة الباطنية/ الباروديا السوداء/ الشكلية/ معارضة القصص القديمة...إلخ..مما أدى إلى ظهور ما أسميه ب " الجيل الثاني من التجريب القصصي".

س/ ما هي الآفاق التي تستشرفونها للقصة المغربية المحدثة؟

ج/ بالتأكيد، هي آفاق مشرقة. آفاق رقمية وإلكترونية. آفاق يافطتها العريضة: أنقر هنا لتقرأ قصة طازجة!

وكي أكون جادا، أقول: لو استلهمنا ما أورده الباحث نك كاي في كتابه المتميز "ما بعد الحداثة والفنون الأدائية"، فإن مستقبل الأنواع القصصية سيكون بالتأكيد ما بعد حداثيا، ومن المحتمل أن يتحقق أو يُسْتَخْطَ"َ في صورة "حدث ما بعد حداثي" قلق، غير مستقر، يتولد من عملية مساءلة حادة وعنيفة للحدود الفنية. مساءلة تعارض النص السردي وتعرقل مساره نحو الاكتما والانغلاق وتنتهي حتما بتدمير النسق. كما أنه حدث يلقي بظلال الشك على كل شيء، بما في ذلك نفسه، ليصبح إحدى خصائص القصة الما بعد حداثية هي مقاومة أي تحديد بسيط لوسائلها وأشكالها. وسواء اعتبرنا ما بعد الحداثة سعيا نحو إيجاد أساس جديد أو قاعدة مختلفة وبديلة، سيكون من الأجدى لنا أن ننظر إليها باعتبارها "أثرا" ينتج في المستقبل عن استراتيجيات خاصة تنشط كاستجابة لعدد من التوقعات المعينة.

الحزمة الثالثة: في القصة العربية والكونية

س/ يتفق النقاد على أن القصة القصيرة في الغرب عرفت انحسارا. ما رأيكم وما هي الأسباب؟

ج/ نسبيا، يمكن الإقرار بوجود نوع من الانحسار، لكنه انحسار مرتبط بالأنواع القصصية الكلاسيكية أو "الجادة"، لكن ثمة بالمقابل ازدهار وانتشار واسع لأنواع قصصية أخرى محدثة مرتبطة إما بالنزعة الاستهلاكية الفاحشة للمجتمع الرأسمالي أو بتحول سوسيولوجيا التلقي والتداول في الغرب نحو استيعاب التطور التكنولوجي والبحث عن عناصر التسلية والتشويق. وفي هذا السياق يمكن أن نذكر: قصص الخيال العلمي، قصص الرعب، قصص الجاسوسية، قصص الاقتفاء (البوليسية)، القصص الوردية (الإيروتيكية)، القصص المصورة، قصص الكاريكاتير الساخر، قصص الأندركراوند (العالم السفلي)...إلخ.

س/ ألا يمكن اعتبار انتشار التقنية الحديثة سببا في هذا الانحسار؟

ج/ لا أظن ذلك، إن السبب – وكما أشارت إلى ذلك "المجلة الأدبية الفرنسية " في أحد أعدادها السابقة- مرده توقف العديد من المجلات المتخصصة في هذا الجنس الأدبي وكذا عدم تحمس دور النشر الكبرى من الناحية "الماركتينغية" لنشر المجامع القصصية والأنطولوجيات نظرا لعدم اندراجها ضمن قوائم الجوائز المرموقة التي تدر أرباحا طائلة في حالة الفوز.

س/ ما هي التجارب الحداثية التي تقرأون لها وترونها قريبة من تجربتكم في القصة؟

ج/ بالتأكيد هي كثيرة ومنتشرة على طول الجغرافيا الحمقاء لوطننا العربي أو من المقيمين في المهاجر، ويمكن أن أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر تجارب: ماجد عاطف (فلسطين) وجدي الأهدل (اليمن) محمود الرحبي (عمان) يوسف المحيميد (السعودية) السعيد بوطاجين (الجزائر) محمد الأصفر (ليبيا) مفلح العدوان (الأردن) رشيدة الشارني (تونس) هدية حسين ولؤي حمزة عباس (العراق) وحيد الطويلة ومصطفى ذكري وعبد الحكيم حيدر ومحمد توفيق ويوسف فاخوري وأحمد العايدي وهيثم الورداني وأحمد فاروق وخيري عبد الجواد (مصر).

س/ هل يمكن الحديث عن تقارب وجهات نظر بين القصاصين العرب الجدد؟

ج/ بالتأكيد. أو هذا على الأقل ما تؤكده غالبية الدراسات والأبحاث النقدية التي تناولت تجربة الجيل التسعيني.

س/ تهتم القصة اليوم بالجزئيات وبإهمال القضايا الكبرى. لذلك سماها توفيق الحكيم "نسائية". ما رأسكم؟

ج/ توفيق الحكيم كاتب ينتمي إلى القرن 19 وأعتقد أنه لا يرتبطه سوى "الخير والإحسان" بالقصة التي أكتبها وأدافع عنها. لذلك كلامه لا يمكن أن يعتد به على الإطلاق لأنه قيل توصيفا لكتابة قصصية قديمة لا علاقة لها بما نتحدث عنه اليوم.

س/ كيف تنظرون إلى التجربة القصصية النسائية محليا وعربيا وعالميا؟

ج/ هي بلا ريب تجربة غنية ومتميزة استطاعت أن تؤسس لخصوصيتها بالمقياس إلى القصة "الذكورية"، وفي هذا الإطار علينا أن نفتخر بالنصوص السردية التي وقعتها الأنامل الحريرية للقاصات المغربيات.  

Publicité
Commentaires
Publicité
محمد معتصم
Archives
Publicité