Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
محمد معتصم
Derniers commentaires
Newsletter
Catégories
محمد معتصم
  • تتضمن المدونة عددا من المقالات والدراسات، والأخبار الثقافية والآراء حول المقروء والمنشور والمتداول في الساحة الثقافية. مع بعض الصور
  • Accueil du blog
  • Créer un blog avec CanalBlog
7 juin 2010

زياد الجيوسي: ذات يوم سيشرق الصباح الأجمل

Jaoussi

الظاهر والجابري وعبدالسلام صالح في حفل توقيع "أطياف متمردة" لزياد جيوسي

آخر تحديث: 2010-06-06 21:50:09

موقع العرب وصحيفة كل العرب - الناصرة

- عن الكتاب والكاتب:

كتاب لمدينة واحدة هي ( رام الله ) التي تتبدى في صورة حبيبة تمنحه الدفء ومجسات الكتابة

*
مبروكٌ هذا الكتابُ المشتعلُ بأقراصِ عسلٍ على أجنحةِ فراشاتٍ تجُرُّ ياقوتَ المعاني في العناوينِ وقاماتِ الموضوعاتِ

*
ثلاثة أشياء، ماثلة بشكل واضح جدا في نصوص الكتاب : القهوة، لفافة التبغ، وامرأة تشاركه الاحتفاء بقهوته ولفافة تبغه

*
رؤية التنسيق لفضاءات في الدّاخل الفلسطيني يهدف التنسيق إلى الانكشاف ونشر وترويج الأعمال الأدبية التي تكتب والتي تعكس تجربة مختمرة إبداعية

أدار الروائي عبد السلام صالح حفل توقيع "أطياف متمردة" لزياد جيوسي، فرحب بالحضور وشكر لدار فضاءات دورها الرائد في متابعة دورها كمدير أعمال لكُتابها، وتحدث عن الدور الإعلامي الرائد الذي يمارسه زياد جيوسي في التعريف بأدباء الداخل الفلسطيني والكثير من الكتاب العرب.

تحدي رغم الظروف القاتمة
منى الظاهر الشّاعرة ومنسقة دار فضاءات في الدّاخل الفلسطينيّ ابتدأت قائلة: مساؤكم خير، بداية يشرفني أن أكون موجودة في هذه الاحتفالية التي تنظمها فضاءات بالتعاون مع رابطة الكتاب الأردنيين، على الرغم من الظروف القاتمة التي يتشح فيها واقع الأحداث الأخيرة جراء الهجوم الإسرائيلي على سفن الحريّة والتي كانت ستسهم بوردة في سماء غزة الصامدة، تعزية حارّة من القلب لكل شهدائنا وشهيداتنا وتحية لكل أسرانا وأسيراتنا القابعين في سجون الاحتلال.

زياد جيّوسي سادنُ الأطيافِ المتمرّدةِ
هذا ولا بد لي أن أشير فيها إلى رؤية التنسيق لفضاءات في الدّاخل الفلسطيني، والذي يرتكز بالأساس على ربطه مع الكينونة الفلسطينية ككل. ويهدف التنسيق إلى الانكشاف ونشر وترويج الأعمال الأدبية التي تكتب والتي تعكس تجربة مختمرة إبداعية ووطنية.
ثم قرأت ظاهر نصاً هو ما كتبته في تقديم الكتاب، بعنوان: زياد جيّوسي سادنُ الأطيافِ المتمرّدةِ
أنتَ القارىءُ وأنتِ القارئةُ، وهُو السّابحُ في ملكوتِ عِشْقِهِ الدّاني؛
كما لو أنّكَ تتخيَّلُهُ: هو المستندُ على نمارقِ أحاسيسَ مُلَوّنةٍ، يُصْخي السَّمْعَ لِبَوْحِ الياسمينِ الـ يتسَلّقُ لَبْلابَ الرُّوحِ المتأتّيةِ من نورِ اللهِ/ شفافيةِ الطّبيعةِ.
كما لو أنّكِ ترقُبينَهُ مِنْ حِبْرهِ العابقِ بوُضوحٍ لما يَعتمِلُ هذياناتُ دواخلِهِ ودواخِلِكَ، لِيَخُطَّ حالاتٍ من وَطَنٍ/ حُبٍّ يَجْتاحُ الكينونةَ كُلَّهَا.
كمَا لو أنّنا نهجسُ بما ينكتبُ فينا من نوستالجيا غائرةٍ في أجسادِ الفوضَى، الّتي منها ننبثقُ بمَِباسمَ من نسرينٍ وروائحِِ صفْصَافٍ ومذاقاتِ زيتونٍ.

غريبٌ مع الواحةِ الملهِمَةِ
هو زياد جيّوسي/ غريبٌ مع الواحةِ الملهِمَةِ، قريبٌ من طيفِهِ الرّاقصِ على أنغامِ نيرانِ قلْبِهِ، المقاتلُ بحقيقيَّتِهِ في قارِبِ أوراقِهِ المثقَلَةِ بِحَنينِ ذاكرةٍ، تلهَجُ بِزَمْكانيَّةِ الهويَّةِ الصّامِدَةِ المترسِّخَةِ فينَا/ في قلبِ المليكَةِ/ فلسطينَ.
نُصوصُهُ المتمرِّدةُ بأطيَافِ مضمونِها تتحنَّى بنسْغِ خِطابٍ يتُوقُ لإنسانيَّةٍ حَقَّة، فِيهَا ولَعٌ لأرواحٍ زاخِرةٍ بجوّانيَّةِ معادنٍ تمتَشقُ سراديبَ مغلقةً في عُمقِ أعماقِنا نحنُ البشرُ.

الكلمات تَرصُّدَ تُرابِ الأرضِ والحجرِ
في قهوةِ صَباحاتِهِ تتفتّحُ الزّنابقُ مِنْ خلْفِ إطلالةِ المنفَى والاغترابِ ومِنْ أَمامِ غُيومِ الشَّتاتِ والوطنِ، لتتنَشّقَ الكلماتُ روائحَ الأمكنةِ وتَرصُّدَ تُرابِ الأرضِ والحجرِ.
وبنهاراتِهِ استعادةٌ للمَنْسيِّ قَسْرًا والمُبْعدِ جَبرًا، المنْشَقِّ في أنهارِ الوُجدانِ الّذي استلبَتْهُ آلةُ القمْعِ والاحتلالِ.
وفي أعشابِ مساءاتِهِ هو العرّابُ، تصْدَحُ صوَرُ الشُّخوصِ المُلتهبَةِ من مخيِّلَتِهِ المسْكونةِ باندلاعِ الطُّرُقاتِ والبيوتِ وتنقُّلاتهِ في أسْرِهِ وحصَارِهِ، والدِّفءِ في حريَّتهِ وملاذِهِ.

فرحِ وضَّحكِ وأملِ
يخطُّ زياد جيّوسي بخُطَى مونولوجاتِهِ المُتمثِّلةِ بنصوصِهِ هذِهِ طريقَهُ الّتي يَلُفُُّها بأمَلِ الوصولِ إلى مرفأٍ أخضر، إلى وشمٍ أبَديٍّ أسفلَ كتفِ الرَّبيعِ لتتوَهّجَ ألوانُ الخريفِ نُضرةً وحياةً. فهو الحامل بكفّيهِ شجنَهُ ووَجْدَهُ وكمَدَهُ، ويُصِرُّ رغمَ ذلكَ على الفرحِ والضَّحكِ والأملِ. ويصِلُ بحساسيَّتِهِ ولُغتِهِ القريبةِ منَ العادِيِّ بِسَلاسَتِها، سماواتِنَا المتنوّعةَ والمتكاشِفةَ على بعضِها لِنَتَغنَّى كُلُّنا بترنيمةِ الحُلمِ/ الوَطنِ/ العِشقِ.

همساتٌ ناعمةٌ
في صفحاتِ أطيافِهِ هذِه، ينقلُ لنا الكاتبُ المتأمِّلُ دائمًا زياد جيّوسي يوميّاتِ الفلسطينيِّ في أرضِهِ المتنازعِ عليها أبدَ الدَّهرِ، ويُسجِّلُ لنا أحداثَ: إغلاقِ الشّوارعِ والبطالةِ، الحصارِ، دمارِ البنيةِ التّحتيّةِ، إقتتالٍ مستمرٍّ بأمنيةٍ لحلٍّ يدحَرُهُ، القتلِ على خلفيّةِ شرفِ العائلةِ لنبذِ هذه الظّاهرةِ، نموِّ بيلسانٍ وسوسنٍ، لقاءِ حبيبينِ بعدَ فراقٍ طالَ أعوامًا، تَوَهُّجِ ألوانٍ قزَحيَّةٍ تملأُ السَّماءَ، إشراقِ شمسٍ لسَعادةٍ فارهَةٍ، نومٍ على وسادةِ حريرٍ بهدهدةِ همساتٍ ناعمةٍ، روحٍ تثأرُ لجُروحَاتِها عن طريقِ سفرٍ تحتيِّ ينحفرُ بصِدْقٍ في قامةٍ صامدةٍ، أفكارٍ للتّحسينِ والتّثقيفِ والتّرميمِ؛

مشاركة كل شيء حقيقي
أفكارُهُ تلكَ الّتي لا تُرجَأُ تَرْفُلُ في المكانِ وتتساقطُ منسابةً على كلِّ الأشياءِ مِنْ حولِنا، تتسرّبُ لتَدْخُلَنا وتترُكَنا مُتشوّقينَ للومضاتِ الّتي تبُقيها فينا بِقَصْديَّاتِها بمسوّغٍ جماليٍّ وموضوعيٍّ. ولا ينحصرُ المكانُ عندهَا على دخانِ لفافاتِ التِّبغِ المتطايراتِ منْه أو نكْهاتِ التّوابلِ المكتنزةِ في خبايا يراعاتِه ورؤاه، بل عندها نتدافعُ من أجلِ تطرُّفٍ وحشيٍّ نحوَ المتمرِّد المفيدِ في الأشياءِ والكائناتِ والشُّخوصِ الماثلةِ في كلِّ ما يحيطُ بيئتَنا الّتي مِنْ حضارَتِنا وموروثِنا، وفي كلِّ ما هو قابعٌ في فضائِنا الدّاخليِّ والخارجيِّ وفي زمانِنا السِّرِّيِّ الّذي ندأبُ لأنْ يشارِكَنَا فيهِ كلُّ مَنْ وما هُوَ حقيقيٌّ.

كتابٌ مشتعلٌ بأقراصِ عسلٍ
مبروكٌ هذا الكتابُ المشتعلُ بأقراصِ عسلٍ على أجنحةِ فراشاتٍ تجُرُّ ياقوتَ المعاني في العناوينِ وقاماتِ الموضوعاتِ، الّتي يستنطِقُها الصّديقُ الكاتبُ زياد جيّوسي بتألُّقِ الأطيافِ وتمرُّدِهَا.
ولأنَّهُ الأجملُ روحًا ووُجْدانًا، والملتزمُ دائمًا بكشفِ قضايا ومظاهرِ الوطنِ في كافَّةِ مستوياتِهِ السِّياسيّةِ، الاجتماعيّةِ، النّفسيّةِ، الاقتصاديّةِ، الفرديّةِ والجمعيّةِ بكلِّ ما فيها مِنْ مشاعرٍ ومواقفِ سلبٍ وإيجابٍ بدافعيَّةٍ عاشقةٍ دائمةِ التّحليقِ.. سنتناولُ نصوصَهُ قراءةً وتمعّنًا لاستغوارِ عناصرِهِ المنقوشةِ ماسًا.. وستظلُّ أذهانُنا وبصيرتُنا تنتظرُ متحفّزةً الآتي القريبَ بثقةٍ وتفاؤلٍ وراحةٍ، لأنَّ النّصَّ الجيِّدَ يُدلّلُ على معدَنِهِ حينَ نستَشْعرُهُ بوعيِ حواسِّنا ويقظةِ مُدْرَكَاتِنا.

الدنس من خلال مديح الطهارة والنقاء
ثم قرأ الشّاعر العراقي عبود الجابري نصه المعنون بـ: أطياف متمردة... مرارة الوقوف على العتباتهذا كتاب مخاتل، يوهم قارئه ببساطة المعنى، ليقوده باتجاه أغصان متكاثفة يصعب عليه الخروج من تلابيبها، هذا كتاب يرسم سيرة ذاتية لعاشق تفرّد فيعشقه، ولم يعلن اسم محبوبته، أو محبوباته إن أردنا أن نمضي بعيدا، كتاب يهجو البشاعة من خلال رسم صورة شخصية للجمال في وجوهه المختلفة، ويشتم
الدنس من خلال مديح الطهارة والنقاء، ويعبر عن ضيقه بالإحساس بالبرد من خلال تقديس صورة العناق .

أطياف متمردة .. تأريخ شخصي للحلم
(
أطياف متمردة ) .. لزياد الجيوسي، تأريخ شخصي للحلم، حلمه هو، يعزز ذلك قوله " أن هذا الكتاب كلمات وأفكار قد لاتنطبق على أحد، ويمكن إسقاط جزء منها على من يشاء " ، الحلم الذي يغدو بديلا موضوعيا لواقع معاش، أو أن يسعى الإنسان نائما أو ساهما لتصور ما لم ينجز، و أن يتمنى تحقق مالم ينجز من قبله، وربما من قبل آخرين يشكلون رموزا في إغفاءاته الحلمية .وهو أيضا كتاب مكتوب لامرأة واحدة، ومدينة واحدة، وبلاد واحدة وعمر واحد كأمر مسلم به لما نوهب من أعمار ويبدو أن( زياد الجيوسي ) يسعى لكي ينقع جميع هذه المكونات في ماء واحد، ليشرب بعد ذلك الإكسير الذي يعزز صورة البهجة في حياته المطرزة بالداكن والبهيج من الألوان.

رام الله
كتاب لامرأة واحدة يهدي إليها الكتاب مشيرا إلى حروف اسمها الخمسة، يؤكد ذلك نص ( حروفي التسعة ) الذي يجلو الحقيقة عن مجموع حروف اسمه واسمها، لينشغل القارئ بعلمية طرح مجموع حروف اسم ( زياد ) الأربعة .
وهو كتاب لمدينة واحدة هي ( رام الله ) التي تتبدى في صورة حبيبة تمنحه الدفء ومجسات الكتابة، لأن أربعة وستين نصا تسكن قلب الكتاب، تمت كتابتها في رام الله، تليها نصوص عمان التي تحمل ذات القلب الذي يتخذ من رام الله قبلة لأحلامه، رام الله التي يشير إليها بالمحتلة في بعض النصوص وأحيانا تخلو من الإشارة إلى صفة الاحتلال، هذه الإشارات تشي بالحالة التي كانت عليها المدينة إبان قيام ( زياد الجيوسي ) بكتابة النص .

القهوة، لفافة التبغ، وامرأة..
ثلاثة أشياء، ماثلة بشكل واضح جدا في نصوص الكتاب : القهوة، لفافة التبغ، وامرأة تشاركه الاحتفاء بقهوته ولفافة تبغه، امرأة يبتكرها وينفخ في طين غيابها، مشكلا صورتها جسدا يملك جميع ملامح الإغواء، واصفا شفتيها ونهديها، ويديها، واقفا على عتبات تلك التضاريس، ليوهم القارئ انه ماض في ايروسيته، متحسسا طريق شفتيه إلى شفتيها أو مصورا شحوب لسانه عند لحظة انبثاق نهديها من فتحة في قميصها، الأمر الذي يحفز حواس القارئ للدخول في عالم الجسدين المحمومين، لكن ( زياد الجيوسي ) يضرب ضربته الموجعة ، حين يعلن لحبيبته أن الوقت فجر، وأنه ذاهب لأداء الصلاة ... هذه الضربة التي ربما ستلحق شتائم قراء أطفأ نار شكوكهم بماء يقينه .

انكسار في مفاصل القارئ
هذا الانكسار الذي يشعله في مفاصل القارئ، يقود القارئ مكرها إلى تتبع مسارات النصوص بدقة وهدوء، لعله يهتدي إلى عنوان المرأة الموسومة ب( مليكة سبأ )، آسرة الأنبياء، وصديقة الهداهد، ولم لا ...؟ ألم يقل: أن هذه النصوص كتبت عبر عصور متعاقبة، كجزء من نزف متواصل كان ينتابه..؟
وكأنه أراد أن يسطر بذلك ألواحا، أو رقما من الحنين والوحشة التي تطأ حياته إنسانا عربيا ابتعد عن عينيه حلم الوطن، فلاذ تحت جناحي حبيبة، هي الأخرى تصبح طائرا يحلق في جناح الحلم، بعد سكن القلب واشتعل البيت أولادا، يحاصرون أية صبوة يمكنها أن تنفلت في ساعة عشق ..ليمضي مغنيا، يقرع كأسه بكاسي الوطن والحبيبة ... الحلمان اللذان يذران الملح في عيني العربي الحالم، مثلما يقول في احد نصوصه :

( صباح الخير يا وطن... صباح الخير يا أنت )
وبعدها وقبل أن يقوم بتوقيع الكتاب للحضور قرأ الكاتب والإعلامي زياد جيوسي ورقة تحت عنوان: أطياف متمردة.. رحلة البحث عن الوطن والحب والجمال بمجرّد أن تطلّ السّيّارة باتجّاه عمّان، ينتابني دومًا شعور غريب بالفرح. فعمّان، الّتي شهدت بعض طفولتي وشبابي، مدينة تسكن القلب وتتجذّر به يومًا إثر يوم، لكنّ رام الله تأبى أن تفارقني في عمّان أيضًا. غادرت رام الله ولم تغادرني، رافقتني إلى عمّان وشربت القهوة معي في الصباحات العمّانية الجميلة، فرام الله لا تترك من يعشقها، وكذلك عمّان، تهمس في أذني رام الله وهي تلقي بشلال شعرها على وجهي، فلا أرى من العتمة سوى اشراقة وجهها وجماله، تغمرني بمشاعر الحب والحنان، تحاول أن تعيد لي توازن النفس الذي افتقدته منذ بدأت رحلة البحث، حين توقفت المشاعر عن البوح، تهمس لي ببوح عينيها أن أعود إلى ما كنت عليه، أن أتذوق الياسمين وأتنسم عبقه، أن أتعايش مع الألم ولوعة الفراق، وأعود إليها أراقصها وأضمها كما اعتدت أن أضمها منذ زمن سحيق، وأن أهمس لها كعاشق مجنون. وأما عمّان فد همست لها بين طيات أطيافي وأنا ممنوع من معانقتها بفعل الاحتلال: ( دعيني أصعد لألمّ منثور الغيوم في سحابة واحدة تحت نجوم ليلة ربيعيّة، لأنثرها أمطارًا تروي ليل العطشى والظمأى، لتعيدني إلى عمّاني التي عشقت)، لا تستطيع رئتاي إلا أن تحملا هواء رام الله والنسمات المشبعة بنكهة البحر السليب، كما كانتا تحملا في رام الله عبق البيادر والروابي العمانية، فأهتف: أعشقك يا وطن تجسّد بأجمل امرأة.. أعشقك كما لم أعرف العشق من قبل، أنا البحّار الذي ما زال يبحث عن مرفئه المفقود.

أطياف متمردة هي وجدانيات وخواطر
أطياف متمردة هي وجدانيات وخواطر نزفت عبر عصور، اخترت منها بدون تحديد هذه المجموعة التي ضمها الكتاب، كتبت عبر زمان طويل، هي بوح الروح للروح، فأطيافي المتمردة هي رحلة البحث عبر الزمان عن المرفأ، عن الوطن والحب والجمال هي ذاكرة كتبتها عبر الزمان، بين عمان الهوى والحب، وبين رام الله العشق والجمال، تمثلت بها عمان ورام الله كأجمل النساء، وتمثل الحب بأجمل المدن، فيها تمثلت المعاناة خلال إقامة جبرية استمرت قرابة الأحد عشر عاما في رام الله بدون مغادرة، كنت خلالها أواصل البحث في وطني عن وطن أحلم به. فأطياف متمردة كما (فضاءات قزح) الذي سبقه هي أجنحة روحي للتحليق في ظل الحصار والحواجز ومنع الحرية فكما كنت أقول دوما الروح حين تحلق لا تحتاج تأشيرة ولا جواز سفر، أنا أكتب ولا أعرف ماذا يعتمل في داخلي، هي حالة من حالات الهذيان، لكنها بالتأكيد رسائل ما.. بدءًا من الوطن وصولا إلى حبّ يجتاحني، لكنّ طيفي يبقى طيفي، هو وأنا فقط من يعرف تفاصيلنا الصّغيرة ونكهة فنجان قهوتنا وبوح الياسمين.

أنا لست من الأكثريّة السّاحقة الصّامتة
فخاطبت عبر الأطياف المدينة والحبيبة بالقول: أنا لست من الأكثريّة السّاحقة الصّامتة، أنا من الأقلّيّة التي لا تجيد الصّمت، تنشب أظفارها في وجه الزّمن، لذا كنت وما زلت، أرفض التّدجين، التّرويض، أدفع الثّمن كما اعتدت أن أدفعه دومًا. ولعلّ ضياعنا عن بعض في متاهات الزّمن، بعض ممّا دفعته حين وأدت حرّيتي سنوات في محاولة لترويضي، فبقيت أسير الجسد، لكن طليق الرّوح. وبقي الحبّ جذوة الحياة، لذا أتعبّد دومًا في محراب الحبّ وعشق الجمال، يجوب زورقي المرافئ يبحث عن طيفه الغائب، أحلامنا هي ما نمتلك، فلن يتمكّنوا من أن يصادروا الحلم منّا، ليس هناك أجمل من شرب القهوة مع زنبقة برّيّة.

اسم الأرض والمدينة والحبيبة
أمسح دمعة مشتعلة تنسكب من عينيّ، وأعاود الحلم من جديد، أردّد اسم الأرض والمدينة والحبيبة وأرفقه مع الرّيح، لعل الرّيح تحمل ندائي إليها ذات يوم، فتطلّ أرواح أطيافي المتمردة من البعيد، لتنير حياتي وتردّ روحي التي ذهبت معها ولم تعد.
وأنا الآن أقف أمامكم أحبة وأصدقاء وأهل وعشيرة، أشكركم جميعا حضوركم الذي يملأ الفرح في روحي، ولا يمكنني في هذه المناسبة إلا أن استذكر روح الياسمينة أمي التي أشعر بها ترف في فضائي فرحة مبتسمة، وهي التي قرأت لها بعض من هذه الأطياف وهي تستعد للرحيل، فتمنت أن تراها تحلق في فضاء الكون، والدي الذي يقف بيننا شيخاً جليلا فرحاً بنتاجه وتعبه الذي بذله عبر رحلة الزمان، زوجتي وأولادي الذين تحملوا الكثير في مراحل وأد الحرية التي عانيتها، إخوتي وأختي وأحفادي من تمكن منهم الحضور ومن لم يتمكن، الشاعر جهاد أبو حشيش الذي قال لي ذات يوم حين قرأ بعض من هذه الأطياف: شئت أم أبيت يجب أن تنشر هذه الأطياف، وهي نفسها العبارة التي سبق أن قالها صديقنا الكاتب المرحوم عايد عمرو في مرحلة الحصار في رام الله، وهمست بها الكاتبة أماني ناصر من دمشق، كما صرخت بها فراشة الناصرة وحبقتها الكاتبة منى ظاهر.. وهنا لا بد من كلمة شكر ومحبّة لكل من اللشّاعرة والكاتبة النّصراويّة منى ظاهر على الجهود التي بذلتها معي في هذا الكتاب، فكان لهذه الجهود أثر كبير في خروج الكتاب إلى النّور. وشكر خاصّ لمليكة سبأ فلولا أنّها فتحت القمقم وخرجت الأطياف محلّقة لبقيت أبدًا حبيسة الأدراج أو فُقدت كما غيرها في رحلة الزّمان والبحث..
شكرا لكم جميعاً.. وذات يوم سيشرق الصباح الأجمل..



Publicité
Commentaires
Publicité
محمد معتصم
Archives
Publicité