Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
محمد معتصم
Derniers commentaires
Newsletter
Catégories
محمد معتصم
  • تتضمن المدونة عددا من المقالات والدراسات، والأخبار الثقافية والآراء حول المقروء والمنشور والمتداول في الساحة الثقافية. مع بعض الصور
  • Accueil du blog
  • Créer un blog avec CanalBlog
31 juillet 2006

امرأة صغيرة. نص قصصي لرجاء الطالبي

rajata

الكاتبة رجاء الطالبي

امرأة صغيرة



ينظر إليها بمحاذاته تتابع الفيلم في سهرة
الخميس العاطفية ، منشدة لأحداث فيلم " امرأة صغيرة"، تبدلت كثيرا منذ أن تزوجها، أصبحت أكثر إثارة، اكتملت أنوثتها وأصبحت امرأة في كامل مشمشها.تكورت واستدارت ، أصبحت شهية في عينيه أكثر من السابق. لم يتغير شيء في روحها المثوتبة النشيطة، نفس الطفولة، نفس الشغب، نفس الحيوية تزرعها في البيت، فقط زادت عصبيتها شيئا ما، وترمومتر حساسيتها ارتفع عن السابق.حساسيتها التي يحبها كثيرا رغم أنها تزعجه في بعض الأحيان..تعرف أن تلتقط بشعيرات حساسيتها المشاعر المنفلتة ..تعرف أن تضرم الحرائق المحببة ..كما تعرف أن تمسح المحن عن سطح الحياة كي تتمتع نهاراته ولياليه بهذا الوجود السعيد..امرأة المشاركات الباذخة تدرك إلى أي حد تحتاج حياته إلى شهد حضورها تغرقه في مسراتها وبذخ عطائها..هي الآن أمامه ..زوجته يريدها كما هي في فوضاها ..في شغبها الذي تسرع به عجلات الزمن أوقات الصعوبة.. تعرف أن تخلق المنقلبات الجميلة لتكون امرأة الحياة.
يراها بجواره منخرطة في أحداث الفيلم،
تكبر الأخوات الصغيرات في جو الحرية وتبادل الأفكار والأحلام ، في تلك العلية وسط تلك السكنى المحاطة بالأشجار والممرات الغابوية كأنها ممرات روحية تفضي إلى قفير الأعماق. تنمو أفكارهن ومشاعرهن بجوار الطبيعة وتقلباتها الفصلية مما يمنح أعماقهن طراوة معرفية يستخدمنها في آتي الأيام.أذهلته أحداث ومشاهد هذا الفيلم: كيف تطورت الأيام بمجرياتها ، كيف كبرت الفتيات الصغيرات وأصبحن نساء لكل واحدة خصوصيتها، لم يعد يذكر أسماءهن غير أنه لم ينس شخصية وسمات كل واحدة منهن.أعجب بالأخت المولعة بالكتابة والتمثيل ، تلك التي كانت تختلق قصصا من رأسها وخيالها الجموح، تلبس الملابس لكل دور، تبدل الأدوار والشخصيات ، تتبدل معها بأحاسيسها وانفعالاتها، تشرك أخواتها الصغيرات في تبادل ولعب الأدوار وتحتفظ لنفسها بحصة الأسد ، فتدير اللعبة ومصائر الشخصيات برأسها وخيالها الذي لا ينقطع عن ولادة المفاجآت. يتابع أحداث الفيلم الأم الحكيمة العميقة المعرفة التي تحيط بناتها بحب كبير وتعرف أن تتفهم جموحهن وأن تعيد بحكمة الفتاة المتجاوزة الحد إلى الصواب.أجمل المشاهد تلك التي يتحلقن حول الأم ( الأب في الحرب) بجوار المدفأة تقرأ لهن في كتاب مؤلفه مشهور، والفتيات أعينهن مفتوحة ينصتن بكامل كيانهن إليها. ينظر إلى زوجته بين الفينة والأخرى، يشاهد بعض الدموع تفر من عينيها: سافرت الأم لترى زوجها البعيد فإذا بإحدى بناتها تصاب بحمى شديدة إثر عنايتها بوليد إحدى النساء في الجوار. تتحلق الأخوات حول سرير أختهن المريضة بحب منقطع النظير وتأتي الأم من سفرها لتخفف من حدة الحمى بعد أن عاد الطبيب الابنة المريضة ويئس من حالتها.تنتزع الأم بحبها المنقطع النظير الابنة من براثن الموت لتبقيها إلى جوارها بضع سنوات أخر. تسافر البنات خلالها كل إلى مصيرها، الصغرى إلى باريس مع عمة لها لتتعلم الرسم. والوسطى تزوجت بمن تحب، بينما الأخت الكاتبة ستسافر إلى نيويورك بعد أن دفعت بها أمها إلى الحياة لتحقق ذاتها غير خائفة على مصير ابنتها في مدينة كبيرة كنيويورك..تعانق الكاتبة مسودات قصصها طارقة أبواب الناشرين والمجلات ، لتنشر بعض قصصها في مجلات نسائية بعد أن رفض قصصها الناشرون، تلتقي في غربتها بأستاذ للفلسفة ترتبط به عاطفيا يرعى موهبتها ويوجه خطواتها، يعجب بشخصيتها القوية وباندفاعها لتحقيق ذاتها. وعندما سيرفض أحد الناشرين نشر قصصها سيكون المرآة التي تكشف مواطن الضعف لديها وفي كتابتها ، لا تفهم صراحته وتحليله وتسافر لتحضر احتضار أختها المريضة، وفي سرير احتضارها تعبر لها أختها عن سعادتها بحياتها الأسرية العميقة وبأنها ستذهب إلى الموت بنفس راضية...يسترق النظر إلى زوجته تبكي يتأثر ويشعر بالحنو اتجاهها، يبتسم، مازالت مشاعرها طرية، ومازال الجمال يحركها وتعرف المشاعر العميقة الوصول إلى قلبها. كان وما يزال معجبا بشخصيتها القوية، منذ أن التقى بها لأول مرة، أحب قوة أفكارها..أحب اندفاعها وتلقائيتها، كيفية تفكيرها وكيفية استعراض أفكارها ثم ذلك التأمل والتفكير بصوت عال حين كانت تبادله النقاش. كان يحس بالدهشة نحوها، أحبها أحب كل مراحل الحياة معها ، قد تكون مندفعة، حساسة، نافرة ومنعزلة، صعبة التأقلم مع الناس ، تدرك مقدار التضحيات من كيانها كلما انخرطت في الجموع وانشغالاتهم. تعرف مقدار الابتعاد عن الذات جراء هذه العملية والاندماج. الارتماء في عالم الناس فقدان للذات وللأحسن فيها، تجاري لكن لا تضيع أبعادها وعوالمها. تبكي زوجته ، يحس بها تختنق أمام مشهد الموت، الكاتبة وهي مجللة في السواد هائمة في الطبيعة تفكر في حياتها وفي كتابها الآتي.في ظل العزلة التي منحتها لها عودتها إلى موطنها وبيتها ، تتخذ مسافة ومساحة من العزلة والتفكير حيث تجد نفسها تكتب قصتها..قصة أمها وأخواتها وجدتها والحب الكبير الذي ظلل حياتهم البسيطة والعميقة، كيف نمت كل واحدة منهن وكيف في مسيرة حياتها اهتدت إلى الوصول إلى جوهرها وتحقيق المصير المنشود. كانت كل واحدة جميلة ونبيلة وعميقة بطريقتها الخاصة. نجحت الكاتبة في كتابة روايتها" امرأة صغيرة"، وفي نزهة بين أحضان الطبيعة بينما الأمطار الغزيرة تفاجئها نشاهدها في هذا الممر الطبيعي ممتلئة بالحياة رغم قسوتها، ممتلئة غبطة رغم الأحزان .. الدم ينفر من وجنتيها والحياة تنط في عينيها المترقرقة بالضياء. في هذه النزهة ستلتقي بصديقها وأستاذها يحمل لها روايتها المطبوعة التي لقيت نجاحا، يهنئها، تضم يدها إلى يده التي هزها إليها إشارة إلى إملاقه، فرغم أنه كان رجل الفكر الحر، والمواقف العميقة النبيلة، ورغم أنه ترك وراءه كل فرص الاغتناء السريع ولم يف لغير ذاته وحياته التي اختارها..رغم يده التي رفعها علامة على أنه لا يملك شيئا فقد كان غنيا بشخصه العميق وبحياته المتميزة. ضمت يدها إلى يده كي لا تبقى يده وحيدة.رأى إلى وجه زوجته في هاته اللحظة يحمر وأساريرها تنفرج..رأى إلى الدماء تصعد إلى وجنتيها، أحبها، أحب الحياة المضطرمة في دمائها، قبلها..ليقول لها كم يحبها.

Publicité
Commentaires
Publicité
محمد معتصم
Archives
Publicité