Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
محمد معتصم
Derniers commentaires
Newsletter
Catégories
محمد معتصم
  • تتضمن المدونة عددا من المقالات والدراسات، والأخبار الثقافية والآراء حول المقروء والمنشور والمتداول في الساحة الثقافية. مع بعض الصور
  • Accueil du blog
  • Créer un blog avec CanalBlog
8 août 2006

شهوة اللحم للكاتبة عايدة نصر الله في صورتها النهائية

شهوة اللحم

مهداة إلى محمد الأمازيغي

18. 7. ‏2006

Aida_Nasr_Allah

عايدة نصرالله

في  الطائرة المسافرة من ميلانو إلى كازبلانكا تسربت إلي رائحة.... وكلبؤة تتبعت الرائحة.

هو... هو بلونه الرملي.... وتنتابني شهوة اللحم.

خطر ببالي أن أصيح:

آه يا محمد.. سي محمد... كم أشتاقك. حاولت عمري لأتقن رسم لونك البني.

هل هو بني؟

لا ... إنه وهج الصحراء ... له فُضَِت بكارة روحي.

يومها أحسست ما معنى اللمسة الأولى، القبلة الأولى،  الشهقة الأولى ونشيج الروح.

يا محمد.. سي محمد

وتنهدت الأرض

شهوة اللحم تغطي المسافات، الغيم تحتي تحول فجأة إلى لونك البرونزي .. لحن بربري..

تكورت الصحراء لتشكل حبات عنبي.

"عويناتك زوينات"

"كنحبك بزاف بزاف"

آخ يا محمد .. كيف هو لونك ، لحنك الآن؟!

اليوم هو اكتمال سني الخمسين. هل تكون هديتي لأكتمل؟!

هل أولد من جديد في حياة ثالثة؟!

قلت لي "سنبدأ حياتنا الثالثة"

"كيف"؟! سألتك

قلت لي "الحياة الأولى يوم التحمنا، الحياة الثانية يوم صمتنا والحياة الثالثة هي العودة... وأنت عائدة "

منذ أن كنت غطائي مرت على هدبي حروب ، جثث، دول تروح وتجيء ... تجيء وتروح وأنا أحلم بك.

هل نلتقي يوما؟!

نعم سنلتقي. كنت اسأل نفسي وأجيبها على مدار العمر.

أختي قالت لي "قبل أن تدخلي الطائرة، وعلى أول درجة قولي أشهد أن لا اله إلا الله لكي تموتي مسلمة"

أمي قالت لي "عسى أن تعودي من عند مليكة محجبة"

وضحكنا....

الرائحة بدأت تنفث إلى روحي.... اختلجت زوايا القلب... أوردتي كعادتها استنفرت لاستدعاء لهيب الصحراء.

نظرت أسفل الطائرة: "ترى أين هي مكناس"؟!

هو هناك... وأشم شهوة اللحم الغائبة عني منذ عمر.

صحرااااااااااااااااااااااااء وينبت الرمل على جلدي دبيب نمل.

لماذا الآن... لمااااااااااااااذا؟!

وتنهدت الأرض.

"يجعل لك في كل طريق ضيق صديق  وفي كل مقعد رفيق"

قالت لي أمي وهي تودعني.. وفعلا، ها أنا لي رفيقة في الطائرة خرساء طرشاء .. تقول لي بلغة الشفاه مع صوت كطبلة خربة "يدرائيل جنج جنج ، ماروكو بو بو"

ولم أفهم سوى أن إسرائيل جنغ جنغ والمغرب جميلة.. وقبلت شفاهها بالهواء للدلالة على جمال المغرب.

فأجبتها بالإشارات " يسرائيل بم بم... ماروكو سفا سفا، بيا بيا".

كان حوارنا أشبه بالمقولة :" عورة تحفف مجنونة والطرشة تنصت على الأبواب"

نظرت للغيم تحتي ففقصت آلاف العيون التي حدقت بي ... عيون سافرت إلى السماء..أطفال ، شيوخ.. نساء..واستحال الغيم إلى أشلاء لحم متناثرة.

لماذا تلاحقني هذه الأشلاء... ألتقتل حلمي؟!

أريد أن أشمه هو... فقط هو.. ألا يحق لي"؟!

صحراااااااااااااااااااااء... آه يا محمد

العيون تصر على اغتصاب الحلم مني ، أحاول صدها بكل ما أملك..أستعين بالشاب الذي يجلس جانبي لكي أستعيد لونك لمجرد سماعه يهدر باللهجة المغربية.

ويحبو النمل مرة أخرى على جلدي

"عويناتك زوينات، كنحبك بزاف بزاف"

"وأنا ... كنحمق عليك بزاف بزاف".

ها نحن على وشك الوصول.

هل أنحني على تراب المغرب أقبله؟ لا...لا ..هذه ستكون لقطة عادية إلى درجة الابتذال. لا يمكن للانحناء أن يعبر عن لحظة عشق اللغة، عشق الرمل.. ولونه البني الذي التهمني عمراَ بحاله.

رأيت صورته عبر النت.

"ياااااااااااه،  الشامة في مكانها، فضة زينت شعره فأصبح أجمل . كم جميل هذا الغجري \ البربري\ الأمازيغي\ الشيلح.... المغربي.. وليكن ما يكون.

محمد ..سي محمد...لك عمري كله.

منذ تركت نفسي فيك يوم أن التقيتك واستحلت ضفيرة مشدودة في الحياة الثالثة.

نظرت للغيم مرة أخرى... العيون المحدقة..أشلاء الجثث..حيفا..غزة...لبنان... فراشات تحترق.

وأنا أينني؟!

وتنهدت الأرض.

شهوة الأرض تعبر المسافات بدءا من أميمة حجو التي بلع ظهرها الصغير القذيفة إلى كل تلك القطع اللحمية التي تصر على تنغيص وقتي عبر الغيم.

هي شهوة اللحم

الأرض تنهدت... أرضه.. أرضي

محمد..آخ وآه يا محمد

وأخرق الحلال في الطائرة كي أهرب من العيون التي تصر أن تحيل رحلتي جحيما.

“Can I get a cup of white wine, please”?

جرعت الكأس دفعة واحدة لتكف عينا أميمة عن ملاحقتي ولتكف جثة إسماعيل عن ارتكاب حماقاتها في اقتحام مخيلتي.

أغمضت عيني استعدادا للهزيمة. نظرت جانبي لأشم محمد من خلال المغربي الجالس في الطائرة.

"محمد ..سي محمد...أسرع لإنقاذي من العيون النائمة على وجه السماء"

لكن العيون كثيرة كثييييييييييرة.. كثيييييييييييييرة

وصلنا كازبلانكا..نفضت رأسي الصغيرة ، نظرت للسماء.. ابتسمت للأرض.. لكن العيون قفزت فجأة من السماء ودخلت إلى حيث النمل يحبو في عروقي.

18\7\2006

Publicité
Commentaires
Publicité
محمد معتصم
Archives
Publicité