Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
محمد معتصم
Derniers commentaires
Newsletter
Catégories
محمد معتصم
  • تتضمن المدونة عددا من المقالات والدراسات، والأخبار الثقافية والآراء حول المقروء والمنشور والمتداول في الساحة الثقافية. مع بعض الصور
  • Accueil du blog
  • Créer un blog avec CanalBlog
22 août 2008

في تلك الأثناء، لبسمة النسور

basmatnossour

بسمة النسور في الدار البيضاء

في تلك الأثناء

بسمة النسور

مجموعات قصصية خمس، ونص مسرحي يتيم، و"تايكي" المجلة والبيت، وانهماك يومي بمشروع طموح لمجلة كرست حضورها كمنبر نوعي خاص بإبداعات المرأة، وحديقة بيت عماني دافئ يلتئم في أرجائها بين الحين والآخر جمع أكثر دفئا، كي يحتفي بمنجز مبدعات رسخن أنفسهن على الساحة كلاعبات أساسيات في مباراة الحياة القائمة على أحكام ليست عادلة بالضرورة. مبدعات انتزعن اعترافات ضمنية وأخرى صريحة بأهمية ما يقدمن من إنجازات متنوعة، أحدثن فرقا كبيرا في المعادلة، وأضفن بحضورهن الواثق الألق والحيوية والتدفق للمشهد الثقافي برمته، فصار بالإمكان الحديث بثقة أكبر عن حالة ثقافية أردنية عربية ضربت جذورها عميقا ونضجت كما "الأشجار على مهلها"، وطرحت غلالها ففاضت السلال بثمر كثير.

ماذا عن الكاتبة؟

انخراط وتورط مرهق أحيانا، لكنه ممتع وضروري دائما، بأنشطة لا تنتهي في عاصمة شبت عن الطوق، محتفلة بصباها المتجدد المتجسد في فعاليات تضج حيوية، سواء أكانت مهرجانات مسرح، أو أمسيات شعرية، أو أفلام جديرة بالمشاهدة، أو معارض تشكيلية، أو حفلات توقيع كتب لمبدعات ومبدعين لم يكفوا عن الحلم رغم كل شيء.

على مكتبي المختنق الغارق في الفوضى ثمة أكوام كتب مكدسة لم أكمل قراءتها، على أمل توفر لحظة صفو موعودة، وكذلك مخطوطات لزميلات وزملاء يعتقدون واهمين أن لرأيي أهمية ما!

وفي أدراج المكتب ذاته، المزدحم دوما، ثمة مسودات تقترح هذيانات لحمى مؤجلة تحاول اختراع إجابات لأسئلة لم تطرح بعد، وشخصيات قصصية تعيث في رأسي غواية، وتستحث قلمي لعودة عاجلة تمنحها شرعية القفز فوق الوحشة ومزيدها! وتطالبني بحنث وعد أبله قطعته على نفسي ذات لحظة سواد بالترجل عند مجموعة قصصية خامسة ونهائية، وتزين لي أن ثمة في المخيلة متسعا لمزيد من الجنون وتلح سعيا إلى ملاذ على ورق لم يعد شديد البياض.

فتح إلكتروني متأخر ، ولكن مبين، أتاح لشرفة الروح إطلالة سخية على عوالم أكثر تنوعا ورحابة، إذ تدفعني الشبكة يوميا للوقوع في حبائلها فاستغرق وأغيب بين خيوطها المتشابكة، ساعات طوالا وفق إحساس المحيطين بي ممن ابتلاهم الرب برفقتي والذين أعربوا عن شماتة كبرى حين ألزمني الطبيب بارتداء رقبة بلاستيكية قبيحة بديلا عن عنقي المتيبس، محذرا من مغبة "ديسك" وشيك لو أنني تماديت في غيي العنكبوتي.

كما أتاحت لي الحياة، ومنذ مرحلة مبكرة، السفر إلى أقاصي الدنيا، واكتشاف بلاد بعيدة وثقافات مختلفة واشتباك إنساني حميم مع نماذج عديدة من البشر. كل ذلك جعلني أكثر تيقنا من درجة الشبه في كم الوجع والتوق والغربة والرغبة في ابتكار شروط مختلفة لصفقة الحياة، سيما بين تلك الأرواح المسكونة بهاجس الإبداع كيفما تبلبلت الألسن، وحيثما وقعت الجغرافيا، فإن الحلم يظل واحدا ووحيدا ومشتهى مثل رغيف كوني عجيب لا ينقص، ونحن نتقاسمه معا ونستزيد.

وتظل نفسي اللوامة الأمارة بالشك والارتياب، قائمة على رأس عملها، مواصلة جرد حساباتها، معيدة النظر في كل ما مضى  عاجزة عن الاطمئنان للأشياء بصورة مطلقة. وتظل الروح ذاتها على شفى قلق متأصل، قد يغفو لبرهة وجيزة مثل كائن خرافي بمئات العيون والأذرع، ليصحو أكثر تحفزا وإلحاحا، معتذرا عن ذلك الخلل الفني الطارئ، مواصلا دبيبه غير الخفي على جملتي العصبية بأكملها.

تتخفف روحي دوريا من حمولات فائضة، وتتخلص من عادات سيئة ليس التدخين أخطرها!  وتطفئ على نحو غامض خصومات مهترئة فقدت جاذبيتها، فتؤول الأحقاد كلها إلى زوال، وتنطلق حرة فتية، وقد استعادت بحزم ما تقدم من ألقها وما تأخر، تسترد ما سلب من نبضها زورا وبهتانا، على مدى سنين طوال، وتعزز يقينها بأناس نبلاء برهنت الأيام على أصالة أرواحهم المجبولة بدقيق الوفاء ومائه وخميرته أيضا!

بهجات صغيرة، لكن شديدة المفعول. مضادات حزن وخيبة بالغة التأثير تجود بها الدنيا على نحو مباغث، فيعود للأشياء مذاقها الأحلى من عسل مصفى بذلته ملكة النحل بكامل بهائها فداء لعشق ليس يسيرا.

ويغدو القلب أشد انصياعا من زهرة عباد شمس قطفها عاشق لحبيبة بعيدة، غير أنها لا تكف عن الشروق مثل شمس لم تنس يوما أنها كانت أما كثيرة الحنو، تصر على استبقاء رضيعها غافيا كذئب أليف رغم حتمية الغياب، في جوف سماء ذات زرقة باردة.

في كل تلك الأثناء، حيث يتراوح بين البهجة والشقاء، بين الاندفاع والنكوص، بين التوق والخيبة، بين اللهفة والسكون، بين الأبيض والأسود، بين الدهشة والملل... في تلك الأثناء بالضبط مضت سنوات كثيرة بلا هوادة، مخلفة في الروح شيئا يشبه الحكمة على ما أخشى.

عن الشهادة

اقترفت على مدى هذا العمر وفي مناسبات مختلفة شهادات أربع، هذه خامسها. ودائما كانت تنتابني مشاعر مختلطة وملتبسة حول الفكرة من أصلها، إذ أحبها وأضعف أمام غوايتها لأنها تنطوي على كم من الحميمية لن يوفرها شكل إبداعي آخر. هي، كذلك، بمثابة ذريعة محكمة تعطي المشروعية لتجليات الأنا التي يتردد معظمنا في إطلاق عقالها اجتنابا لتهمة الانضمام إلى أولئك المزهوين بذواتهم، المحتفين بها على مدار الساعة دون أسباب مؤجلة في معظم الأحيان، المشتغلين لدى أنفسهم مدراء أعمال وموظفي علاقات عامة مهمتهم الوحيدة الترويج لأنفسهم والسعي لإقناع الآخرين بأهمية تجاربهم غير الفذة، مما يعكس تدنيا حادة في الثقة بالذات تضعهم دائما في خط الدفاع!

وفي الوقت نفسه أضيق بالشهادة ولا أتحمس لكتابتها. وما إقدامي على ارتكابها إلا استجابة لضغط ليس بقليل ..... ورغم ما يتحتم علي الاعتراف بارتباكي إزاء كتابة شهادة أخرى سوف تضطرني إلى قول الحقيقة، الحقيقة بأكملها ولا شيء سوى الحقيقة، من غير زيادة أو نقصان.

وينبغي أن أسجل تحفظي على هذه الصيغة المعتمدة كونيا، لأن من اقترحها هو شخص فقير المخيلة ابتداء، لأنه ارتضى تلك التسوية البائسة التي تفترض أن للحقيقة وجها واحدا، ما أن ندق خزان الذاكرة حتى تنهال دفعة واحدة!

وأقر، نهاية، أنني قرعت جدران خزانات كثيرة في الروح، حتى اقترب من لحظة صدق خالصة، أتوق إليها دوما، غير أني لا أصل.

Publicité
Commentaires
Publicité
محمد معتصم
Archives
Publicité