Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
محمد معتصم
Derniers commentaires
Newsletter
Catégories
محمد معتصم
  • تتضمن المدونة عددا من المقالات والدراسات، والأخبار الثقافية والآراء حول المقروء والمنشور والمتداول في الساحة الثقافية. مع بعض الصور
  • Accueil du blog
  • Créer un blog avec CanalBlog
17 août 2012

الكتابة الصعبة

 

Tahar Watar

محمد معتصم 

الطاهر وطار لبنة أساسية في مدونة السرد الجزائري والعربي المعاصر والحديث، تعتبر أعماله الإبداعية حقلا غنيا لفهم المرحلة سواء من حيث التعرف على القضايا الفكرية والسياسية العربية، وقد زامنها وكان حاضرا فيها وكانت حاضرة في متخيله وكتاباته أو من حيث القضايا الإبداعية والأدبية.

 أول ملاحظة تكونت لدي في تعاملي مع أعماله الروائية وقد كان من أول من قرأت أعمالهم واشتغلت عليها دراسة وتحليلا: الصعوبة. صعوبة اقتحام عوالمه التخييلية، وصعوبة فكر شفراتها وتأويل دلالاتها التي يقصدها الكاتب.

 مرت فترة ليست بالقصيرة قبل أن أتمكن من الكتابة عن روايته "عرس بغل" التي نشرت ضمن كتابي "النص السردي العربي: الصيغ والمقومات". تتأتى صعوبة اختراق عوالم الطاهر وطار من تركيبة الكاتب ذاته فهو الملتحم بالقضايا السياسية والفكرية والمنخرط في تجربة الإبداع في زمنه الإبداعي المتصارع بين الكتابة التقليدية والكتابة الحديثة التجريبية، والأهم من كل ذلك أنه كان يجعل من ذاته [وعيه] قناة أساسية في كل عملية تخييل، لذلك طبعت أعماله بمسحة "صوفية" تمثلت في رواياته الأخيرة.

من أين تأتي الصعوبة في دراسة روايات الطاهر وطار؟

 لا تأتي من البناء الخارجي، فرواياته على هذا المستوى تنتظم في حط ثيماتي متنامي عبر الترابط، لذلك لم يدرجه النقاد ضمن "التجريب" الروائي الذي ظهر فترة السبعينيات من القرن الماضي وانتشر في البلاد العربية كمظهر من مظاهر التطور ومطلب من مطالب تجديد الخطاب الروائي، وقد كان النقاد والمبدعون في آن ينظرون إلى التجريب نظرة "سطحية"، وأقول سطحية لأنها كانت ما تزال تحت هيمنة التفكير التقليدي للعملية الإبداعية، حيث الشكل ظاهر خارجي والمضمون محتوى داخلي، وهو ما عبر عنه كثير منهم بالشكل والمضمون أو الخارج والداخل [دراسة الخطاب الروائي من الخارج ومن الداخل]، بينما تبرز الدراسة التحليل-نصية لأعمال المرحوم الطاهر وطار أنه كان يعي "التجريب" من منظور شخصي وقتها لكنه علمي ومتطور، وهو أن التجريب الروائي [في الكتابة عامة] يقوم على وحدة متكاملة بين "الشكل الخارجي" و"المضمون" فلا شكل بدون مضمون ولا مضمون بدون شكل وبتعبير أكثر دقة أن للشكل مضمونه الخاص وللمضمون شكله الخاص. لذلك يكون اختيار الطاهر وطار للبناء الثيماتي المترابط والتنامي اختيارا واعيا يستجيب للمرحلة ويستجيب لرؤيته الخاصة.

 مع ذلك فالبناء المترابط والمتماسك للمتواليات السردية [فقرات وفصول الرواية] لم يغن عن "الصعوبة" التي تأتي من بناء الفكرة لدى الكاتب، ومقاصدها. لقد تشبث الكاتب في كتاباته الروائية بقضايا ذات البعد الاجتماعي والقيمي [من القيم] ولعل هذا كان سببا وراء "صوفية" و"عجائبية" كتاباته.

 في دراستي لروايته "عرس بغل" وضعت مقارنة بين شخصيته المحورية "حمود الجيدوكا" وشخصية الكاتب الأمريكي إرسكين كالدويل في "شخص بائس"، والملمح الذي يجمع بين الشخصيتين. يرجع السبب إلى "الفضاء الروائي" لكلا الكاتبين، ويعد الطاهر وطار ممن أسسوا لما أسميه حاليا "متخيل الأحياء الخلفية" كما في المغرب مثلا؛ محمد زفزاف ومحمد شكري وإدريس الخوري، وإرسكين كالدويل واحد ممن اهتموا بالفضاء الهامشي وتتبعوا معاناة الإنسان البسيط في صراعه مع الحياة وحاجيات الوجود البسيطة.

يقوم الفضاء الروائي لدى الطاهر وطار في "عرس بغل" على بنية التضاد الأساسية وبنية الإقصاء والنفي والتي يمكن تعميمها بنسبة مهمة على باقي أعماله الروائية:

-         التضاد بين المركز والهامش في المجتمعات الحديثة.

-         التضاد بين الحاضر والماضي.

-         إقصاء الذات وتهميشها.

إن الصعوبة في كتابة الروائي المرحوم الطاهر وطار تتجلى في تنوع الفضاءات الروائية التي يشتغل عليها، ومتخيله المحمل بنفحات من الماضي فكرا وأسلوبا لغويا وهو ما يتطلب من القارئ والدارس في آن واحد التزود بثقافة واسعة تجمع بين الفكر واللغة والأدب إضافة إلى الموقف الأيديولوجي، أي أن الصعوبة تأتي كذلك من قوة حضور وعي الكاتب في بناء أحداث النص الذي يكتبه.

 تبقى تجربة الطاهر وطار من بين التجارب الروائية المهمة التي أغنت مدونة السرد العربية والجزائرية خاصة، بالتميز الأسلوبي الذي اختاره في كتابة أعماله الروائية، ومواقفه التي انحازت دائما إلى القضايا الاجتماعية وإلى الإنسان البسيط في صراعه الوجودي من أجل البقاء أولا ثم من أجل إثبات الذات داخل مجتمع متنوع ومتعدد ومعقد التركيب، وهو متميز أيضا بفضائه الروائي الذي نقل إلى الرواية [الأدب] قضايا الفكر وخاصة الصراعات التي شهدتها الدولة الإسلامية إبان نشأتها وتكونها، وهذا يمكنه أن يضع الخطاب الروائي للطاهر وطار ضمن الرواية الثقافية التي لا تكتفي من الإبداع المتعة والترفيه فحسب بل تراه قناة مهمة في تثقيف القارئ وترى الإبداع [الرواية] ساحة لمعالجة القضايا الكبرى غير الأدبية.

 إذا كان الموت قد غيب عنا كاتبا متعددا وعضويا تحتاجه المرحلة فإن الموت أيضا يدفعنا إلى القول بانغلاق دائرة إبداع الفقيد وقد وجب الآن العودة إلى أعماله لدراسته كمتن واحد متكامل للوقوف عند "تجربته" الإبداعية وقد أصبح مفهوم التجربة واقعا حقيقيا.     

 

ملحق جريدة النصر الجزائرية.

استطلاع نوارة لحرش

  

Publicité
Commentaires
Publicité
محمد معتصم
Archives
Publicité