Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
محمد معتصم
Derniers commentaires
Newsletter
Catégories
محمد معتصم
  • تتضمن المدونة عددا من المقالات والدراسات، والأخبار الثقافية والآراء حول المقروء والمنشور والمتداول في الساحة الثقافية. مع بعض الصور
  • Accueil du blog
  • Créer un blog avec CanalBlog
4 mai 2007

في أختي السرية، جديد القصاصة سحر ملص من الأردن

Okhti_siria

1/ في قراءات سالفة، وفي إطار تتبع تجربة الكتبة سحر ملص السردية، حاولت استخلاص مجموعة من الثوابت الثيماتية، وتقنيات كتابية وأسلوبية تتكرر في جل ما كتبته من قصص قصيرة وقصة مطولة وأدب الرحلة. لكن المجموعة القصصية الجديدة المعنونة "أختي السرية" الصادرة عن وزارة الثقافة بعمان، الأردن من العام 2006م، اختارت الكاتبة طريقة جديدة تثير الاهتمام.

لقد وزعت الكاتبة عملها إلى خمس مجموعات قصصية، يؤطرها فضاء وموضوع واحد. وغالبا ما يمون المحدد فاعلا/ شخصية قصصية. وتلك المجموعات ودت حسب الترتيب التالي:

·        رجل.

·        امرأة.

·        سراب.

·        قط.

·        بحر.

وكلها عناوين "نكرة"، ولهذا دلالته الخاصة المستوحاة من الفضاء العم للمجموعة القصصية. وكل مجموعة صغرى تضم قصصا قصيرة متفاوتة من حيث الطول والقصر. ولكل مجموعة قصصية شخصيتها المحورية الموحدة للموضوعة والضامنة الانسجام للنص.

إنها مجموعات صغرى ضمن مجموعة شاملة. وبهذا الفل تكون سحر ملص قد اقترحت علينا صورة جديدة لمفهوم المجموعة القصصية. وهو اقتراح يضيف جديدا، بحيث تصبح المجموعة القصصية ليس فقط تجميعا اعتباطيا لقصص قصيرة كتبت على مراحل متفاوتة، وفي موضوعات مختلفة، لا يوحد بينها سوى اسم كاتبها، والاختيار الأجناسي الموسومة به على ظهر الغلاف الخارجي.

وفي مناسبات أخرى أيضا أشرت إلى أن مفهوم المجموعة القصصية ينبغي أن يتحول من المعنى السابق إلى معنى "الديوان" المنتقى والموحد الموضوع. وهو ما استنتجته من مجاميع قصصية قصيرة مغربية حديثة. عمل أصحابها على كتابة قصص قصيرة موحدة الفضاء، وهو ما يدل على عناية الكاتب بالنوع الأدبي الذي يكتب فيه. أما سحر ملص فإنها تقدم لنا اقتراحها الجديد في صورة باقات قصصية موحدة الفضاء والموضوع.

2/ في الأضمومتين الأولى والثانية، وهما الأطول بالمقارنة مع الباقي، يكاد الفضاء المهيمن يكون واحدا سوى أن في الأول يكون الرجل موضوعا "مبأرا"، يتم في التركيز على صفاته المميزة، وخصوصا تلك التي ترى إلى النقائص. وهنا تكون الكتابة قد خرجت من مجال الكتابة النسائية إلى مجال الكتابة النسوية التي تعمد إلى وضع الرجل في المواقف الحرجة والعمل على إبراز صفاته السالبة في الحياة والمجتمع. وقد لجأت الكتابة النسوية إلى هذه الدرجة من الوعي بالكتابة للتوافق بين ما تحمله من مواقف تجاه الرجل، الذي يعد عندها واحدا من أسباب تخلفها، وواحدا من أسباب تراجع عطائها في ميادين عمل مختلفة كالميدان الثقافي، والسياسي والاجتماعي...

وتضع سحر ملص في المجموعة الأولى "رجل"، صفتان مميزتان للرجل وهما على التوالي:

·        القسوة: في حالات الوعي والصحو.

·        الرقة: في حالات اللا وعي والسكر.

أما في مجموعة "امرأة" فإن الموضوع "المبأر" فهو المرأة في صورها المختلفة. وهنا نجد الكاتبة لا تنحاز للمديح، كما في الكتابات النسوية بل تعمد إلى التوصيف والترتيب والتصنيف. فالمرأة في المجموعة القصصية ليست صورة واحدة نمطية. لكن لكل واحدة وضعيتها الخاصة. وحالتها المختلفة. ويمكن الوقوف عند الصور التالية:

·        النساء القانعات الخانعات خلف المصلحة الذاتية.

·        النساء الجامحات المتمردات على كل قد أو مصلحة.

·        النساء المعذبات والمثقلات بالحزن والقلق.

·        المرأة العجوز (أورورا).

والصورة المهيمنة على المرأة، تلك التي تلجأ فيها إلى ذاتها، إلى أعماقها طلبا للحماية من ضجيج الخارج وصهده وعنفه. لكن لماذا تحتمي الذات بأعماقها ؟

لأنها دائمة "الرحيل". وهذه الحالة مهيمنة في النصوص القصصية، ولافتة للانتباه. وقد اتخذ الرحيل أبعاد منها:

·        الهروب من قفص الأسر.

·        الهروب في الزمن الماضي، بعيدا عن الحاضر.

·        الرحيل بحثا عن الذات الكامنة والجوهرية.

·        الهروب من الآخر القاسي.

لهذا لا يمكن قراءة المجموعة الأولى "رجل" في استقلال عن المجموعة الثانية "امرأة". فالتداخل وارد بقوة بين الصورتين معا. وهما معا يشكلان وجها لعملة واحدة. ورغم الصفات الإيجابية المتضمنة في النصوص للرجل فإن الصفة المهيمنة تظل صورة الانفصال في الوعي ودرجة الاطمئنان. وكثيرا ما ترمز المرأة إلى "المطر"، أي الخصب والحياة، بينما يرمز الرجل إلى "الرماد". أي إلى الجذب والخراب.

3/ في مجموعة "سراب" يتحول الخطاب. ليس في جوهره ولكن في فضاء وموضوعة الاشتغال الخارجي. فتتحول العين اللاقطة والفاحصة إلى القضايا والمفاهيم الكبرى. من مثل: الديمقراطية، والوطنية والشفافية. وهنا تستعين الكاتبة بالطاقة الهائلة المخزنة لمفهوم "السخرية" بلاغيا. لتكشف من خلالها على التناقض الصارخ داخل شخصية الرجل. وبالتالي داخل منظومة المجتمع. وكأننا أمام تصور يقول بأن سلوك الرجل/ الفرد تابع لسلوك الجماعة. أو أن سلوك الفرد انعكاس طبيعي لسلوك المجتمع/ البيئة التي تربى فيها.

وقصة "شفافية" تعكس صورة الرجل وتبرز جانبها السالب، كما تعكس صورة المرأة وتبرز جانبها الإيجابي. يقول النص:" مثل دوي صاعق عاد لزوجته مساء وهو يهتف؛ منذ اليوم ستكون شعاراتنا الشفافية بكل ما تحمله من معان رقيقة. كان يحمل بيده ستائر شفافة، قال هي لبيتنا وسط احتجاج الزوجة التي اعترضت بأن الدار ستصبح مكشوفة للآخرين! وحمل إليها رزمة ملابس شفافة تحتها ملابس داخلية أكثر شفافية! وابتاع لنفسه بيجاما حريرية رقيقة وشفافة، وحين ارتداها صار مثل مهرج السيرك تشف دقائق جسمه من تحت سترته، ثم اشترى جوارب شفافة وهو يقرر بأنها مرحلة جديدة من الحياة، واستبدل نظارته السميكة بأخرى شفافة لكنه أبقى على تلك القديمة من أجل العمل!!

ولأنه كان يخشى تطفل الآخرين عليه أثناء قيامه بواجبه، قام بمضاعفة عدد الحراس الذين يسيرون حوله، ووضع سيارة أخرى للنجومية تسير قرب سيارته، وفي مكتبه ارتأى أن يضع مكتبه داخل غرفة محكمة الإغلاق حتى لا يتنصت أحدهم على ما يتخذه من قرارات هامة غير قابلة للنشر...". ص (85. والتشديد مني).

يبدو واضحا التناقض بين أفعال الرجل. فشعار الشفافية يشمل جوانب دون أخرى. مما يعرض الشعار ذاته إلى الاهتزاز وعدم الوضوح و"الشفافية". كما تبرز المرأة بصورتها الرزينة، المستهجنة لكل انتهاك للخصوصيات واللحظات الحميمة. وهذا التناقض بين المواقف يزج بالقصة، المجموعة القصصية "سراب"، في عوالم المجموعة الأم. أي أن الفكرة الشعرية المهيمنة واحدة، وتشكل الخيط الرابط بين المجموعات الخمس الصغرى. ويتعلق الأمر بتصادم بين ذات الرجل وذات المرأة. الرجل القاسي والمرأة المعذبة التي تنشد الانعتاق والتحرر من القفص الخانق. وتنشد الرحيل بعيدا في الأفق الرحب. لكن يصاحب فكرة الرحيل ألم الذكرى. يقول نص قصة "الرقصة الأخيرة" مثلا:" تفتح باب بيتها الخشبي ثم ترحل تحت زخات المطر حافية، تركض تحت العاصفة، تلمح وجها نديا، وجهه الذي غادرها في يوم مشؤوم إلى أحضان أخرى وتركها للغياب...". ص (74).  ويقول النص القصصي في قصة "حصان": "...مسحت دموع النساء بيد لطختها الألوان، ثم ألقت نظرة تأملية وداعية على لوحاتها، ودعت جدران بيتها ثم خرجت صافقة الباب من خلفها وسارت مع خيوط المساء". ص (65).

4/ في مجموعة "قط" يحمل القط بعدا رمزيا انطلاقا من الدلالات المتنوعة التي تتكرر في القصص القصيرة الثلاث. وللقط سحر خاص في الكتابة العربية المعاصرة. وقد وظفته جيدا الكاتبة الفلسطينية "سحر خليفة" في روايتها "مذكرات امرأة غير واقعية". وعملت سحر ملص على توظيف القط للتعبير عن قوتين متعارضتين في البيت، في السرير. فبدا القط محورا بين أربعة فاعلين هم: الزوج، الطفلة، الطفل، عنترة...

ويمثل القط في نظر الزوجة (الحنان، العطف، الاحتياج للحرية والانعتاق)، بينما في نظر الآخرين (المشوش والمعيق). وانطلاقا من هذه الدلالات تكشف الكاتبة عن تعارض صارخ بين الرجل والمرأة. يقول النص:" مثل طفل صغير كان يتقدم من باب غرفتها في الصباح ويموء بحنان حتى تفتح له فيدخل متمسحا بقدميها، داعكا فروته الرمادية بجسدها ثم يقفز إلى حضنها، يلعق يديها ويحك رأسه بسوارها الذهبي حتى إذا ظهر الزوج قادما من غرفة النوم هرب القط خائفا". ص (101).

5/ في مجموعة "بحر" تشتغل الكاتبة على لفظ وموضوع البحر. وتعتمد عليه في بناء الحكاية. وكأنه الفضاء الذي يشد بحكمة أطراف الحبكة. ويساعد على عدم ترهل الحكاية وفقدانها مرجعيتها التخيلية. وهذا ما قامت به الكاتبة في جميع المجموعات القصصية في "أختي السرية"؛ رجل، امرأة، سراب، قط، وبحر.

6/ يشتغل السرد عند سحر ملص على ثلاثة أقانيم أساسية، وهي: البعد الإنساني، والبعد الوطني، والبعد القومي. ويأتي الخطاب محملا بالرمزية.

يتجلى البعد الإنساني في الشعور القوي لدى الشخصية القصصية المحورية (المرأة غالبا) بالخيبة وانكسار الأحلام، وفقدان الثقة في الآخر الذي يتحول إلى جحيم. ويتمظهر البعد الوطني في صورة انتقاد روح الانتهاز والتظاهر بالغيرة على الوطن وعلى المواطنين، في الوقت الذي يكون فيه الهدف قصيرا جدا ولا يتجاوز المصلحة الذاتية. كما يتجلى في خطاب الدعوة إلى حب الوطن وتقدير تضحيات من سبقوا إلى إرساء الدعائم. ويأتي البعد القومي متمثلا في بكاء الأمجاد وضياع الأمل في الوحدة. والغطاء الرمزي الذي يستند إليه السرد عند سحر ملص يعتمد عاصر الطبيعة، كما تدل على ذلك هذه المجموعة أو التي سبقتها. ومنها رمزية البحر، والقمر، والبحيرة، والنباتات، وأصناف من الحيوانات (القط) و (الفرس والحصان) رمزا الجموح والتحرر والإباء...

ولعل في سند الطبيعة دعوة إلى العودة إلى المنابع الأصيلة حيث الحرية والانطلاق بعيدا عن القيود والأغلال التي تراكمت بفعل الزمن والتطور التاريخي. وهذا الزعم لا يختلف عن الفضاء الذي تشتغل داخله الكاتبة في جل أعمالها.

7/ ومن التقنيات اللافتة في تجربة سحر ملص:

الخرجة أو القفل: وهذه من مناطق القوة عند الكاتبة. وغالبا ما تكون مفاجئة أو أن الكاتبة تعتمد عليها في تفجير الفكرة وتغيير أفق القارئ.

التدفق السردي: أو انسيابية السرد، من خلال التأمل، والإفصاح عن مكنون الذات. حيث يمنح ضمير المتكلم القول القصصي بعدا حميما وخصوصية مميزة. وعندما تستعمل ضمير الغائب لا يكون سوى تحويرا منهجيا لضمير المتكلم. أي أنه يتحول إلى مصفاة لقول الذاتي عبر الغيري.

الحس الفجائعي: يتولد من عمق النص وتركيبته. ومن خلال المتناقضات كالجموح والكبح، والحب واللاحب، والبعد والقرب، والحماس والفتور...

السخرية: وتتجلى في انتقاد الوقائع وسلوك الناس، والكشف عن النفاق الاجتماعي والسياسي والعاطفي.    

إشارة:

سحر ملص: أختي السرية. مجموعة قصصية. دار اليازوردي. 2006. ط1. 

Publicité
Commentaires
Publicité
محمد معتصم
Archives
Publicité